وهكذا كل الأنبياء ـ عليهم السلام ـ لم
يستسلموا لكل ما دبره أقوامهم لهم من مكايد.. لقد ذكر الله تعالى ذلك،
فقال:﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ
أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ
لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ﴾ (ابراهيم:13)
ففي هذه الآية الكريمة يخبر الله تعالى تعالى
عما توعدت به الأمم الكافرة رسلها، من الإخراج من أرضهم، والنفي من بين أظهرهم،
كما قال قوم شعيب له ولمن آمن به:﴿ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ
وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي
مِلَّتِنَا﴾(الأعراف: 88)، وقال قوم لوط u لنبيهم:﴿ أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ
مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾(النمل: 56)، وقال
مخاطبا محمدا a وما هم قومه به:﴿
وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا
يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا﴾(الإسراء: 76)، وقال يذكر
مكايدهم:﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ
يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ
الْمَاكِرِينَ﴾(الأنفال: 30)
مستأجر بولس: نعم.. ربما يكون محمد قد
أخرج من بلده، ولكنه لم يصلب..
عبد القادر: أيهما أعظم ثباتا: أن يصلب
الشخص ساعة، أو ست ساعات يموت بعدها، ويستريح.. أو يظل طول عمره هدفا للمؤامرات
والمكايد؟
قال الجميع: بل الصلب أرحم، وقد مر بعضنا
بآلام ود لو صب عليه فيها الموت صبا.
عبد القادر: فمثال الثبات إذن لا يتحقق
بكماله إلا في محمد a.
قالوا: كيف ذلك.. وما أنواع البلاء التي
تعرض لها؟
عبد القادر: لقد تعرض محمد a لكل أنواع البلاء.. وابتلي بكل أنواع
الفتن: فتن الضراء، وفتن السراء.