ألقى عبد القادر نظرة على جموع
المستضعفين الملتفين حوله، وقال: أنتم الآن جموع كثيرة، ولكن محمدا a عندما بدأ بدأ وحده، ثم انضمت إليه فئة
قليلة من المستضعفين واجه بهم العالم أجمع.
لقد دبرت له كل المؤامرات لتستأصله،
وتجوعه، وتخرجه من أرضه، وفوق ذلك تملأ نفسه آلاما وحسرات، ولكنه لم يرضخ، ولم
يتزعزع، ولم يحد عن منهجه الذي رسمه الله له.
وبما أنكم طلبتم مني أن أحدثكم عن أنواع
البلاء التي تعرض لها محمد a،
وثباته في وجهها، فسأذكر لكم ما قال المؤرخون بتوثيقاتهم الدقيقة، لتروا معجزة
الثبات بتجليها الكامل في شخص محمد a.
تأليب
أهله عليه:
أول أنواع المضرات التي صبت على محمد a تأليب أهله عليه، فأخطر ما يقف في وجه
الثابتين تأليب أهلهم عليهم، كما أن أقوى ما يثبت قلوبهم وقوف أهلهم بجانبهم.
وقد وقف أهل محمد a منه موقفين متناقضين:
أما أحدهما، فكان الحرب الشديدة له a، ويمثلهم عمه أبو لهب، الذي نزلت في حقه
سورة كاملة تبين الموقف الشديد الذي وقفه من رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.
فقد روي بأسانيد مختلفة [1] أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لما أنزل عليه قوله تعالى:﴿
وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾(الشعراء:214) قام على الصفا، فعلا
أعلاها حجرا، ثم نادى: يا صباحاه، فقالوا: من هذا؟
[1] رواه الشيخان والبلاذري عن ابن عباس،
والشيخان عن أبي هريرة، ومسلم عن قبيصة ابن المخارق .