فقام رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف، وقد قال
لهم: إذ فعلتم فاكتموا علي، وكره رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أن يبلغ قومه.
فأقام بالطائف عشرة أيام وقيل شهرا لا
يدع أحدا من أشرافهم إلا جاء إليه وكلمه، فلم يجيبوه وخافوا على أحداثهم منه
فقالوا: يا محمد اخرج من بلدنا.
ولم يكتفوا بكل ذلك.. بل ضموا إلى هذه
الإذية النفسية الشديدة الإذية الجسدية، فقد أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه
ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس.
قال ابن عقبة: وقفوا له صفين على طريقه،
فلما مر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بين
الصفين جعل لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة حتى أدموا رجليه.
وكان a إذا أذلقته الحجارة يقعد إلى الأرض،
فيأخذون بعضديه ويقيمونه فإذا مشى رجموه بالحجارة وهم يضحكون.
قال ابن سعد: وزيد بن حارثة يقيه بنفسه
حتى لقد شج في رأسه شجاجا.
قال ابن عقبة: فخلص منهم ورجلاه تسيلان
دما فعمد إلى حائط من حوائطهم، فاستظل في ظل حبلة منه وهو مكروب موجع وإذا في
الحائط عتبة وشيبة ابنا ربيعة، فلما رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما لله
ورسوله a.
فما أتى ظل شجرة صلى ركعتين ثم قال: (اللهم
إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب
المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري إن لم
يكن بك علي غضب فلا أبال ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له
الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو تحل علي سخطك لك
العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك)
فلما رآه ابنا ربيعة وما لقي تحركت له
رحمهما، فدعوا غلاما لهما يقال له عداس فقالا له: خذ له هذا القطف من هذا العنب
فضعه في هذا الطبق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل