ولا أعلم برجز ولا بقصيدة منّي ولا
بأشعار الجن والله ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا والله إنّ قوله الذي يقول
لحلاوة وإنّ عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليعلوا وما يعلى وإنه
ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه. قال: فدعني حتى أفكر، ففكر،
فلمّا فكر قال: هذا سحر يؤثره عن غيره، فنزلت:﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ
وَحِيدًا ﴾ (المدثر:11)[1]
ومن ذلك ما قوبل به رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم من معاملة سيئة في الطائف عندما ذهب إلى
أهلها يعرض عليهم الإسلام، وقد حدث علماء السيرة بأسانيدهم عن ذلك، فذكروا أنه لما
مات أبو طالب ونالت قريش من رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ما لم تكن تنال منه في حياته خرج رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلى الطائف ماشيا، وكان زيد بن حارثة
معه، في ليال من شوال سنة عشر، يلتمس النصر من ثقيف والمنعة بهم من قومه، ورجا أن
يقبلوا منه ما جاءهم به من الله تعالى.
فلما انتهى إلى الطائف عمد إلى نفر من
ثقيف هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم وهم إخوة ثلاثة عبد ياليل ومسعود وحبيب بنو عمرو
بن عمير بن عوف، وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح، وهي صفية بنت معمر بن حبيب
بن قدامة بن جمح، وهي أم صفوان بن أمية.
فجلس إليهم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وكلمهم بما جاء به من نصرته على الإسلام
والقيام على من خالفه من قومه.
فقال له أحدهم: هو يمرط ثياب الكعبة إن
كان الله أرسلك.
وقال الآخر: أما وجد الله أحدا يرسله
غيرك.
وقال الثالث: والله لا أكلمك أبدا، لئن
كنت رسولا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب
على الله ما ينبغي لي أن أكلمك.