كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك، فوالله
لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الأذل، فسمع بها رجل من المسلمين، فجاء
إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فأخبره، فأرسل إليه، فجعل يحلف
بالله ما قال، وأنزل الله تعالى هذه الآية.
أما قوله تعالى:﴿ وَهَمُّوا بِمَا
لَمْ يَنَالُوا﴾، فقد قال الضحاك: هموا أن يدفعوا ليلة العقبة، وكانوا قوما
قد أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وهم معه يلتمسون غرته حتى أخذ في عقبة، فتقدم بعضهم وتأخر بعضهم
وذلك كان ليلا قالوا: إذا أخذ في العقبة دفعناه عن راحلته في الوادي، وكان قائده
في تلك الليلة عمار بن ياسر وسائقه حذيفة فسمع حذيفة وقع أخفاف الابل، فالتفت فإذا
هو بقوم متلثمين، فقال: إليكم يا أعداء الله فأمسكوا، ومضى النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم حتى نزل منزله الذي أراد، فأنزل الله
تعالى قوله:﴿ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا﴾
فقد ذكر الكلبي أنها نزلت في جهينة
ومزينة وأشجع وأسلم وغفار من أهل المدينة، يعني عبد الله بن أبي وجد ابن قيس ومعتب
بن بشير والجلاس بن سويد وأبي عامر الراهب.
فقد نزلت هذه الآية في بعض المنافقين
الذين أسسوا مسجدا ليضاروا به المسلمين.
فقد ذكر المفسرون أن بني عمرو بن عوف
اتخذوا مسجد قباء وبعثوا إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أن يأتيهم، فأتاهم فصلى فيه، فحسدهم إخوتهم بنو عمرو، وقالوا: نبنى
مسجدا ونرسل إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ليصلى
فيه كما يصلى في مسجد إخواننا، وليصل فيه أبو عامر الراهب إذا قدم من الشام، وكان
أبو عامر قد ترهب في الجاهلية وتنصر ولبس المسوح، وأنكر دين الحنيفية لم