قدم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم المدينة وعاداه وسماه النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم أبا عامر الفاسق وخرج إلى الشام وأرسل
إلى المنافقين أن استعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح، وابنوا لي مسجدا فإني ذاهب
إلى قيصر فآتي بجند الروم، فأخرج محمدا وأصحابه فبنوا مسجدا إلى جنب مسجد قباء.. فلما
فرغوا منه أتوا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
فقالوا: إنا بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية، وإنا
نحب أن تأتينا فتصلى لنا فيه، فدعا بقميصه ليلبسه فيأتيهم، فنزل عليه القرآن وأخبر
الله عز وجل خبر مسجد الضرار وما هموا به، فدعا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم مالك بن الدخشم ومعن بن عدي وعامر بن يشكر
والوحشي قاتل حمزة، وقال لهم: انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه
واحرقوه، فخرجوا وانطلق مالك وأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا، ثم دخلوا المسجد
وفيه أهله فحرقوه وهدموه وتفرق عنه أهله، وأمر النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم أن يتخذ ذلك كناسة تلقى فيها الجيف
والنتن والقمامة، ومات أبو عامر بالشام وحيدا غريبا.
فقد قال ابن عباس ومجاهد: نزلت في اليهود
والمنافقين، وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون إلى
المؤمنين ويتغامزون بأعينهم، فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا: ما نراهم إلا وقد
بلغهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل أو موت أو مصيبة أو هزيمة،
فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم، فلا يزالون كذلك حتى يقدم أصحابهم وأقرباؤهم، فلما
طال ذلك وكثر، شكوا إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فأمرهم أن يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى
مناجاتهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.