فلما كان يوم أحد خرج أبي مع المشركين
فجعل يلتمس غفلة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
ليحمل عليه، فيحول رجل بين النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم وبينه، فلما رأى ذلك رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال لأصحابه: خلوا عنه.
فأخذ الحربة ورماه بها، فوقعت في ترقوته،
فلم يخرج منه دم كثير واحتقن الدم في جوفه، فجعل يخور كما يخور الثور فاحتمله
أصحابه وهو يخور فقالوا: ما هذا الذي بك! فوالله ما بك إلا خدش، فقال: والله لو لم
يصبني إلا بريقه لقتلني! أليس قد قال: أنا أقتله، والله لو كان الذي بي بأهل ذي
المجاز لقتلهم، فما لبث إلا يوما حتى مات.
وأنزل الله تعالى في أبي معيط:﴿
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ
مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً﴾ (الفرقان:27)[1]
ومنهم أبو جهل عمرو بن هشام، وقد كناه
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بذلك وكان يكنى قبل ذلك أبا
الحكم [2].
قال ابن إسحاق: ولقي أبو جهل بن هشام
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال له: والله يا محمد لتتركن
سب آلهتنا أو لنسبن إلهك الذي تعبد، فأنزل الله تعالى:﴿ وَلا تَسُبُّوا
الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ
عِلْمٍ ﴾ (الأنعام: 108)
وقد روي أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لقي أبا جهل، فقال: (إن الله تعالى
أمرني أن أقول لك:﴿ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى
﴾(القيامة: 34 -35)، فنزع ثوبه من يده وقال: ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من
شيء، ولقد علمت أني أمنع أهل البطحاء، وأنا العزيز الكريم، فقتله الله تعالى يوم
بدر وأذله وعيره بكلمته، وأنزل:﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ
الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ