وكان رجل يقال له عبد الرحمن بن أنس يصحب
سهل بن عبد الله، فقال له يوماً: ربما أتوضأ للصلاة فيسيل الماء بين يدي قضبان ذهب
وفضة، فقال سهل: أما علمت أن الصبيان إذابكوا يعطون خشخشة ليشتغلوا بها؟
هنا قام أجير بولس ببلاهته المعهودة،
وقال: أراك تقول هذا، لأنه لم يكن لنبيكم شيء من الطاقات.. لقد كان مجرد بشر كسائر
البشر.. يحمل ضعف البشر، وفقر البشر.
عبد القادر: نعم.. لقد كان نبينا كذلك
كما كان سائر الأنبياء ـ عليهم السلام ـ فالله تعالى اختار بحكمته أن يرسل للبشر
بشرا مثلهم، وقد قال ردا على من طلب أن ترسل لهم ملائكة:﴿ وَقَالُوا لَوْلا
أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا
يُنْظَرُونَ (8) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا
عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾ (الأنعام:8-9)
ولهذا، فليس هناك من حرج في كون النبي
بشرا كسائر البشر، بل إن من مهمته أن ينبه الناس إلى كونه مثلهم، قال
تعالى:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا
إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ
عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾ (الكهف:110)،
وقال تعالى:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ
أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ
وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ (فصلت:6)
بل إن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم اختار أن يكون كسائر الناس بسيطا
متواضعا عبدا، فقد روي أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بينما هو جالس، ومعه جبريل u، إذ انشق أفق السماء، فأقبل جبريل يدنو من الأرض، ويدخل بعضه في
بعض، ويتضاءل فإذا ملك [1] قد مثل بين يدي رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال: (السلام عليك يا محمد، إن ربك
يقرئك السلام، أنا رسول ربك إليك، أمرني أن أخيرك: إن شئت نبيا
[1] وفي رواية: إن الله
سبحانه تعالى أرسل إلى النبي r ملكا من الملائكة حجزته تساوي الكعبة، ما هبط على نبي قبلي،
ولا يهبط على أحد بعدي، وهو إسرافيل عليه السلام، فقال: وأكمل الحديث.