ثم أخذ على الكوثر حتى إذا دخل الجنة
فإذا فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فرأى على بابها
مكتوبا: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر.
فقال: يا جبريل ما بال القرض أفضل من
الصدقة؟ قال: لان السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يسأل إلا من حاجة.
ورأى الجنة من درة بيضاء وإذا فيها جنابذ
اللؤلؤ، فقال: يا جبريل، إنهم يسألوني عن الجنة، فقال: أخبرهم أنها قيعان ترابها
المسك.
وبينا هو يسير بنهر على حافيته الدر
المجوف، وإذا طينة مسك أذفر، فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هو الكوثر.
ثم عرضت عليه النار، فإذا فيها غضب الله
وزجره ونقمته، ولو طرح فيها الحجارة والحديد لاكلتها، فإذا بقوم يأكلون الجيف،
فقال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس.
ورأى رجلا أحمر أزرق فقال: من هذا يا
جبريل؟ قال: هذا عاقر الناقة.
ورأى مالك خازن النار، فإذا رجل عابس
يعرف الغضب في وجهه، فبدأ النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم
بالسلام، ثم أغلقت دونه، ثم رفع إلى سدرة المنتهى، فغشيها من أنوار الخلائق ومن
أنوار الملائكة أمثال الغربان حين يقض على الشجرة وينزل على كل ورقة ملك من
الملائكة فغشيها سحابة من كل لون.
ورأى رجلا مغببا في نور العرش، فقال: من
هذا؟ ملك، قيل: لا، قال: نبي، قيل: لا، قال: من هو؟ قيل: هذا رجل كان في الدنيا
لسانه رطب من ذكر الله، وقلبه معلق بالمساجد، ولم
[1] أسمع صريف الاقلام: أي
صوت جريانها بما تكتبه من أقضية الله تعالى ووحيه، وما ينسخونه من اللوح المحفوظ..