في اليوم الحادي عشر انتظرت بولس صباحا
لنذهب للتداريب الميدانية كما تعودنا.. لكنه لم يأت، وقد احترت في سر ذلك، وخفت أن
يكون قد أصابه مكروه، فذهبت إلى بيته، وسألت عنه، فلم أجده..
سألت جيرانه، فلم يعرف أحد أين ذهب، ولا
متى غادر بيته.
ظللت أبحث يومي ذلك.. فلم أظفر بأي
معلومة توصلني إليه.
وهكذا ظللت أبحث أسبوعا كاملا.. ولكني لا
أعثر على أي معلومة، لا من قريب، ولا من بعيد.
ذهبت إلى الشرطة، فابتسموا، وقالوا: أنت
كمن يبحث في بحر عميق عن إبرة.. فكف عن بحثك.. فلم يسبق لأحد ضاع في هذه البلاد أن
عاد، إلا أن يعود بمحض رضاه.
مضى شهر على غيابه، ولم يأت..
ثم مضى شهر ثان، فلم يأت..
وفي الشهر الثالث، لم يأت.. ولكني
رأيته.. وما أعجب ما رأيت.
في ذلك اليوم الذي رأيته فيه سرت إلى
عاصمة الهند، لبعض المصالح لي هناك، وفي أحد الشوارع الكبرى من المدينة رأيت
إعلانا عن إلقاء محاضرة من طرف قس أسلم.
اهتممت كثيرا للموضوع إلى درجة انشغالي
عما جئت من أجله.
لقد كان الحضور كثيرا، والقاعة مكتظة،
ولكني تمكنت بعد جهد جهيد من رؤية المنصة، فقد كنت أحب أن أرى هذا القس الذي تخلص
من قيوده.
لم يطل بي الزمن حتى اعتلى عبد القادر
وعبد الحكيم المنصة، ثم أخذ عبد القادر مكبر الصوت، وقال: يشرفنا أن يجلس معنا
اليوم رجل امتلأ قلبه بالإيمان، وامتلأ محبة لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.. إنه نموذج حي لقوله تعالى:﴿
وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ