بولس: لقد نص على هذه الحادثة الكتاب
المقدس.. لقد ورد فيه هذا النص الذي يثبت لكم ما ذكرته: (ثم أخذ الأرغفة لخمسة
والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وبارك وكسر وأعطى الأرغفة للتلاميذ والتلاميذ
للجموع، فأكل الجميع وشبعوا، ثم رفعوا ما فضل من الكسر: اثنتي عشرة قفة مملوءة،
والآكلون كانوا نحو خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد)(متى:14/19-21)[1]
أجير بولس: حدثنا عن القصة من مبدئها.
استغل بولس هذا السؤال ليجعل من القصة
موعظة يكسب بها جمهور الحاضرين، فقال: في ذلك المساء الذي حصلت فيه تلك المعجزة،
تقدم التلاميذ الاثنا عشر إلى المسيح الذي كان يعظ الجموع الكثيرة، وقالوا له: (الموضع
خلاء والوقت مضى، اصرف الجموع لكي يمضوا إلى الضياع والقرى حوالينا، فيبيتوا
ويبتاعوا لهم طعاما، لأننا ههنا في موضع خلاء، وليس عندهم ما يأكلون)
لقد خاف التلاميذ أن يطالبهم الجمهور
بحقوق الضيافة، وحسبوا أن هؤلاء الرجال والنساء والأطفال مع مرضاهم يتضررون إذا
دخل الليل عليهم في هذا الخلاء.
وهنا وجه المسيح لفيلبس جوابه على هذا
الكلام، وكان في صيغة سؤال عن مكان يوجد فيه طعام، وكأنه يكلف فيلبس بتدبير ما
يلزم لهؤلاء الضيوف، سأله المسيح: (من أين نبتاع خبزا ليأكل هؤلاء؟)
لم يقل المسيح ذلك ليستفهم، بل ليمتحن
ويعلم، لأنه كان يعلم جيدا ما سيفعل، لكنه أراد أن ينبه تلاميذه إلى عجزهم وضعف
إيمانهم، لأن درس التواضع درس أولي يجب أن يتعلموه.