responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معجزات حسية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 61

كان فيلبس متنبها إلى صعوبة الأمر من وجوه عديدة، فعمل حسابا بأن الخبز وحده يكلف أكثر من مئتي دينار، فأين الدنانير؟ هل هي عند المسيح الذي ليس له ما يسند رأسه؟.. وفضلا عن ذلك: لو وجدوا الدنانير، فأين الوقت للذهاب إلى قرى عديدة لجمع كمية كهذه، ولو من الخبز وحده والإتيان به، والشمس أوشكت أن تغرب؟.. وفوق هذا كله: أين وسائل النقل لإحضار طعام يكفي الألوف؟ ويلاحظ أيضا أن حصة يسيرة من الخبز الحاف لا تقوم بضيافة يليق أن يقدمها شخص كالمسيح لضيوفه.

بناء على هذا كله أجاب فيلبس المسيح: (لا يكفيهم خبز بمئتي دينار ليأخذ كل واحد منهم شيئا يسيرا)، وظن أن جوابه يقنع، المسيح فيتبع نصيحة الرسل ويصرف الجمع، لكن عجبه اشتد لما أجابه المسيح: (لا حاجة لهم أن يمضوا، أعطوهم أنتم ليأكلوا)

لقد قال المسيح ذلك، وهو يعلم أنه ليس لديهم طعام، ليعلمهم أن الذين يقصدون إفادة الآخرين يحتاجون إليه، إذ ليس لديهم ما يطعمون به نفوسا جائعة، وفي الوقت ذاته يشير إلى أن الله يختار الوسائط البشرية ليجري مقاصده في العالم، لأنه لا يوزع خيراته الروحية والزمنية رأسا، أو بواسطة الملائكة إلا نادرا - وذلك عندما لا توجد وسائط بشرية، وهذا القانون هو لخير الذين يقدمون والذين يأخذون معا، إذ تنشأ بذلك ربط المحبة بين المحسن والمحسن إليه، ويتنشط الذي يوزع في ممارسة إنكار الذات وخدمة الآخرين.

لكن التلاميذ اعترضوا على أمر المسيح قائلين: (أنمضي ونبتاع خبزا بمئتي دينار ونعطيهم ليأكلوا؟)، فسأل: (كم رغيفا عندكم؟ اذهبوا وانظروا)

لقد نبههم المسيح بهذا الكلام إلى أن العمل الإلهي لا يغني عن العمل البشري المستطاع، ولم يرد أن يوجد خبزا من لا شيء، طالما يوجد شيء، فاستخدم أولا الموجود بين أيديهم ليعلمهم أن لا يطلبوا من الناس عملا يستطيعونه بالوسائط الطبيعية، لأن هذه دبرها لهم الله، فلا حق لهم في غيرها، إلا بعد الفراغ من استعمالها.

نام کتاب : معجزات حسية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست