قال: الاسلام بنصوصه المقدسة
أولى جانب الحس أهمية كبرى، حيث دعا إلى النظر والسير والتحرك والتثبت، ولكنه مع
ذلك أولى اهتماما أكبر لدور العقل الذي يوجه الحس ويمحص نتائجه، والذي لولاه يصاب
الفكر بالشلل الكامل.
قلت: كيف ذلك؟
قال: لنفترض أننا أبعدنا العقل
عن مجال الحس، وأصبحنا مثل أولئك الحسيين الذين لم يعترفوا بدور العقل في توجيه
الحس، فسوف نرى كيف نتخبط في الضلالات حتى لا نستطيع كشف أي حقيقة مهما ضؤلت
بواسطة الحس. بل إن نكران العقل يدعونا إلى التشكيك في وجود أية حقيقة وراء الحس،
وينتهي بالإنسان إلى المثالية أو التشكيك التام.. أفليس من الممكن أن تكون رؤيتنا
للأمور أشبه شيء برؤية الحالم في منامه، أوليس من الممكن أن يكون الإحساس نابعا من
ذات الأعصاب وليس من الحقائق الخارجية؟ فإن لم يكن هناك نور لدى النفس يحكم بأن
مصدر الإحساس حقيقة خارجية بصور جازمة، لو لم يكن هذا فأي حجة تقدر على إثبات
الحقائق وراء الإحساس؟