responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 351

وهكذا من شك في الآخرة فواجب عليه بحكم الحزم أن يقول: أيام الصبر قلائل، وهو منتهى العمر بالإضافة إلى ما يقال من أمر الآخرة، فإن كان ما قيل فيه كذباً؛ فما يفوتني إلا التنعم أيام حياتي وقد كنت في العدم من الأزل إلى الآن لا أتنعم، فأحسب أني بقيت في العدم، وإن كان ما قيل صدقاً، فأبقى في النار أبد الآباد وهذا لا يطاق، ولهذا قال علي ـ رضي الله عنه ـ لبعض الملحدين: إن كان ما قلته حقاً فقد تخصلت وتخلصنا، وإن كان ما قلناه حقاً فقد تخلصنا وهلكت.

قال آخر: أما الأصل الثاني من كلامه: وهو (أن الآخرة شك)، فهو أيضاً خطأ بل ذلك يقين عند المؤمنين، وليقينه أدلة كثيرة[1] لعل أقلها هو الإيمان تقليداً للأنبياء والعلماء، وذلك يزيل الغرور وهو مدرك يقين العوام وأكثر الخواص، ومثالهم مثال مريض لا يعرف دواء علته، وقد اتفق الأطباء وأهل الصناعة من عند آخرهم على أن دواءه النبت الفلاني فإنه يطمئن نفس المريض إلى تصديقهم ولا يطالبهم بتصحيح ذلك البراهين الطبية، بل يثق بقولهم ويعلم به، ولو بقي سوادي أو معتوه يكذبهم في ذلك وهو يعلم بالتواتر وقرائن الأحوال أنهم أكثر منه عدداً وأغزر منه فضلاً وأعلم منه بالطب، بل لا علم له بالطب، فيعلم كذبه بقولهم ولا يعتقد كذبهم بقوله، ولا يغتر في علمهم بسببه، ولو اعتمد قوله وترك قول الأطباء كان معتوهاً مغروراً، فكذلك من نظر إلى المقرين بالآخرة والمخبرين عنها والقائلين بأن التقوى هو الدواء النافع في الوصول إلى سعادتها، وجدهم خير خلق الله وأعلاهم رتبة في البصيرة والمعرفة والعقل، وهم الأنبياء والأولياء والحكماء والعلماء واتبعهم عليه الخلق على أصنافهم، وشذ منهم آحاد من البطالين غلبت عليهم الشهوة ومالت نفوسهم إلى التمتع، فعظم عليهم ترك الشهوات وعظم عليهم الاعتراف بأنهم من أهل النار، فجحدوا الآخرة وكذبوا الأنبياء، فكما أن قول الصبي


[1] سنرى التفاصيل الكثيرة المرتبطة بهذا في رسالة (أسرار الحياة) من هذه السلسلة.

نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 351
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست