responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 350

الكافر المغرور يبذل في تجارته درهماً ليأخذ عشرة نسيئة، ولا يقول :( النقد خير من النسيئة فلا أتركه)، وإذا حذره الطبيب الفواكه ولذائذ الأطعمة ترك ذلك في الحال خوفاً من ألم المرض في المستقبل؛ فقد ترك النقد ورضي بالنسيئة.. والتجار كلهم يركبون البحار ويتعبون في الأسفار نقداً لأجل الراحة والربح نسيئة، فإن كان عشرة في ثاني الحال خيراً من واحد في الحال فانسبوا لذة الدنيا من حيث مدتها إلى مدة الآخرة، فإن أقصى عمر الإنسان مائة سنة، وليس هو عشر عشير من جزء ألف ألف جزء من الآخرة، فكأنه ترك واحداً ليأخذ ألف ألف بل ليأخذ ما لا نهاية له ولا حد، وإن نظر من حيث النوع رأى لذات الدنيا مكدرة مشوبة بأنواع المنغصات ولذات الآخرة صافية غير مكدرة، فإذن قد غلط في قوله: (النقد خير من النسيئة)

فمنشأ هذا الغرور ـ كما ترون ـ هو قبول لفظ عام مشهور أطلق وأريد به خاص، فغفل به المغرور عن خصوص معناه، فإن من قال: النقد خير من النسيئة، أراد به خيراً من نسيئة هي مثله وإن لم يصرح به.

قال آخر: ولكن الشيطان لا يكتفي بهذا.. بل هو يفزع إلى قياس آخر هو: (أن اليقين خير من الشك.. والآخرة شك.. والدنيا يقين)

قال آخر: إن هذا القياس لا يختلف عن الذي قبله.. بل لعله أكثر فساداً من الذي قبله.. لأن كلا أصليه باطل، إذ اليقين خير من الشك إذا كان مثله، وإلا فالتاجر في تعبه على يقين وربحه على شك، وطالب العلم في طلبه على يقين وفي إدراكه رتبة العلم على شك، والصياد في تردده على المقتنص على يقين وفي الظفر بالصيد على شك، وكذا الحزم دأب العقلاء بالاتفاق وكل ذلك ترك اليقين بالشك، ولكن التاجر يقول: إن لم أتجر بقيت جائعاً وعظم ضرري، وإن اتجرت كان تعبي قليلاً وربحي كثيراً؛ وكذلك المريض يشرب الدواء البشع الكريه وهو من الشفاء على شك ومن مرارة الدواء على يقين، ولكن يقول: ضرر مرارة الدواء قليل بالإضافة إلى ما أخافه من المرض والموت.

نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 350
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست