responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 354

والسمت والهيبة ما ملأني تعظيما لهم، قال أحدهم: إن استسلام النفس لربها وخضوعها له لا يقف بينها وبين سعادتها وملذاتها.

قال آخر: لقد قال شيخنا أبو حامد في حواره للطوائف التي امتلأت بالعبودية لنفوسها يذكرها باللذات التي فاتتها بسبب ذلك :( إن هذه الفرقة، وإن أنكروا السعادة الآخروية، فلم ينكروا السعادة الدنيوية، وأعلى السعادات الدنيوية العزة والكرامة، والمكانة والقدرة، والسلامة من الغموم والهموم، ودوام الراحة والسرور.. وهذا أيضاً لا يفوز به الإنسان إلا بالعلم والعمل.. فلا يخفي لذة العالم في علمه، وفيما ينكشف له في كل لحظة من مشكلات الأمور، لا سيما إذا كان في ملكوت السموات والأرض، والأمور الآلهية.. وهذا لا يعرفه من لم يذق لذة انكشاف المشكلات.. ثم إنها لذة لا نهاية لها، لأن العلوم لا نهاية لها، ولا مزاحمة فيها، لأن المعلومات تتسع للطلاب وإن كثروا، بل استئناس العالم يزيد بكثرة شركائه، إذا كان يقصد ذات العلم، لا حطام الدنيا ورئاستها، فإن الدنيا هي التي تضيق بالمزاحمة، بل يزداد سعة بكثرة الطلاب.. ثم مع أنها أوفى اللذات عمن أنس بها، فهي أدومها، إذ المنعم بها عليه هو الله، ولكن عند اكبابه على الطلب وتجرده له. ولذلك لا ترى جماعة من الرؤساء والولاة، إلا وهم في خوف العزل يتشوقون أن يكون عزهم كعز العلماء.. وأما العمل فلسنا نعني به إلا رياضة الشهوات النفسانية، وضبط الغضب، وكسر هذه الصفات، لتصير مذعنة للعقل، غير مستولية عليه، ومستسخرة له في ترتيب الحيل الموصلة إلى قضاء الأوطار. فإن من قهر شهواته، فهو الحرّ على التحقيق، بل هو الملك. ولذلك قال بعض الزهاد لبعض الملوك: (ملكي أعظم من ملك)، فقال: كيف؟ قال: (من أنت عبده عبدي)، وأراد به أنه عبد شهواته، وشهواته صارت مقهورة له.. فعبد الشهوات، العاجز عن كسرها وقهرها، رقيق وأسير بالطبع، لا يزال في عناء دائم وتعب متواتر، إن قضى وطره يوماً عجز عنه أياماً. ثم لا يخلو في قضائها عن أخطار، وعلائق ومشاق، يضطر إلى تقلدها، فتقليل الشهوات تقليل لأسباب الغموم، ولا سبيل إلى

نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 354
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست