بعد الوفاة، ففي الحديث أن رجلا جاء رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم، فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ ز فقال a :( نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما)، فقال الرجل: ما أكثر هذا يا رسول الله وأطيبه، فقال a :( فاعمل به)[1]

سكت قليلا، ثم قال: لقد أثمرت هذه النصوص ثمارا عظيمة في واقع المسلمين.. فكانت المجتمعات المسلمة في جميع فترات التاريخ تراعيها وتحافظ عليها، وتخشى العواقب الوخيمة التي يجرها العقوق، وترجو الثمار الطيبة التي يجرها البر.

^^^

بقيت في أسرة أمين الدين مدة من الزمان أرى فيها السلام وهو ينشر أشعته الدافئة الجميلة عليها إلى أن جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي استأذنني فيه أن يسير إلى هذه البلاد ليساهم في رفع الفتنة التي تريد أن تستأصل المسلمين، وقد استأذنته في أن أحضر معه، لكنه أبى، وقال لي: أنا لست أدري هل أعود من هذه الفتنة أم لا.. ولا أريد أن أزج بك في أي شيء يضرك.

لكني بعد فراقه لي، أظلمت الدنيا في عيني، فلم أجد إلا أن ألحقه، وها أنا ذا بينكم.. وقد قدر الله من شأننا ما ترون.. وأنا لا آسف على شيء في حياتي إلا على ذلك الذي فتح الله به علي من الأبواب ما كان مغلقا، وأضاء به علي من الأنوار ما كان مظلما.

[1]رواه أبو داود وابن حبان فِي صحيحه.