responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 497

لا تفكر في الغايات وإنما في الوسائل والإجراءات وحسب، وفي أحسن السبل لإنجاز ما أوكل لها من مهام دون تساؤل عن مضمونها الأخلاقي أو هدفها الإنساني.

وحينما ظهر هذا النوع من الشخصية، أصبح من الممكن أن تقرر الدولة وأعضاء النخبة إبادة عناصر تراها غير نافعة في المجتمع أو في وطـن آخـر أو قارة بأسرها.

ولم يعـد هذا ـ بهذه الاعتبارات ـ جريمة، إذ لا توجـد قوانين مطلـقة خارجـة عن الدولـة، أو هـي ـ بتعبير آخر ـ جريمة قانونية مشروعة تكتسب مشروعيتها من أن الدولة توافق عليها وتباركها، بل تشـجع عليهـقال:، وتضرب على يـد كـل من يعارضها أو يحجم عن اقترافها.

لقد أثمر كل هذا وجود مؤسسات متخصصة لتنفيذ الجريمة، وهي مؤسسات بيروقراطية منفصلة عن القيمة، تتجاوز الخير والشر، ولا تسأل عن السبب وإنما عن الوسيلة، والعاملون في مثل هذه المؤسـسات لا يتخذون قرار قتل الأطفال، على سبيل المثال، بأنفسهم، ولا ينفذون جريمة القتل بأيديهم فاللجان المتخصصة التي تضم السوبرمن تجتمع على أعلى مستوى وتناقش المسألة بطريقة علمية وبيروقراطية وفي لغة محايدة وتتخذ القرارات في ضوء ما تراه هي الصالح العام. ثم يصدر الأمر في نهاية الأمر، لا بالقتل أو التصفية الجسدية وإنما بالقيام بعمليات (التطهير العرْقي) أو (الحل النهائي) أو خدمة (مصلحة الدولة العليا). ثم يُقسَّم القرار إلى مئات التفاصيل التي يقوم بها آلاف الموظفين التنفيذيين من الجنود والعمال والفلاحين والمهنيين الذين لن يشعروا بهذا الطفل الذي سيُقتَل في غابات فيتنام أو في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أو في معسكرات الاعتقال النازية.

قلنا: والضمير الخلقي.. ألا يمكن أن يتكلم؟

قال: ربما.. ولكن هذه الحضارة اللعينة عملت الإنسان كيف يسكت ضميره.. لقد أعطته من الآليات ما يجعله قادراً على إسكات حسه الخُلقي.. فالإنسان الحديث أصبح بوسعه، بحسه العملي، ومن خلال الحسابات الرشيدة والتسويغ العلمي الموضوعي المحايد الصارم

نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 497
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست