المسلمين باليهود مكنهم من الأخذ ببعض أقوال التلمود[1].
ابتسم الحسين، وقال: لقد سمعت لأدلتك بكل صدق وإخلاص.. فاسمح
لي أن أبين لك ما أراه من صواب.. لا بحسب كوني مسلما.. ولكن بحسب كوني باحثا عن
الحقيقة.
لقد انطلت علي في يوم من الأيام هذه الشبهة وغيرها.. لكن
الحقائق الكثيرة التي رأيتها في الإسلام جعلتني أراجع نفسي، وأتراجع عن تلك
الأفكار التي لم يكن لها إلا هدف واحد هو تحويل الإسلام مسخا مركبا لا حقيقة له
ولا أساس.
لقد كان من أول ما فند عندي هذه الشبهة هو أني رأيت المسلمين
ـ منذ بدأ الإسلام ـ يعتقدون أن الله خاطب بالشريعة الإسلامية جميع البشر، بما أتى
به محمد a من أوامر ونواه وتخييرات..
ورأيتهم يعدون كل من لا يؤمن بالشريعة الإسلامية كافرا، كما قال تعالى :﴿
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي
الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85)
ورأيتهم يعتقدون أن أي حكم يخالف حكم الإسلام هو من أحكام
الكفر، يحرم عليهم أخذه.. كما قال تعالى:﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا
أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)(المائدة: 44)
فلا يتأتى لمن يحمل مثل هذا الاعتقاد أن يأخذ أي حكم من غير
الإسلام.
كان هذا أول ما صد عني رياح هذه الشبهة..
قال ذلك، ثم التفت إلى الرجل، وقال: أما كلمة (فقه) و(فقيه)،
قد وردت في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف قبل أن يكون للمسلمين أي اتصال حضاري
بتلك الشعوب.. فالله تعالى يقول:﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا
كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا
فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ
يَحْذَرُونَ) (التوبة:122)، والنبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم
يقول:( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)[2]