وقد ورد في الحديث قوله a : (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء
رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه) [1]
قال رجل منا: ليس الشأن في اعتبار الدليل.. ولكن الشأن في
ماهية الدليل..
لقد مارست كثير من الشعوب دجلا كثيرا سمته دليلا:
فكان منها القناعة الشخصية.. والتي تعتمد على القوة.. لقد
كان كل شخص يقضي لنفسه بنفسه، وينتقم لنفسه من خصمه بدون دليل ولا برهان، وإنما
لمجرد القوة الشخصية، فيستعين الشخص بأقاربه، وقد تهب القبيلة لنجدته سواء كان
ظالما أو مظلوما كما عبر الشاعر عن ذلك بقوله:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال
برهانا
وكان منها ما يسمونه طريقة الامتحان الإلهي.. وذلك بأن يعطوا
المتهم السم، أو يلقونه في النهر، أو يصبون عليه الزيت أو الماء المغلي، أو يعرض
لبعض الثعابين، فإن لم تؤثر عليه هذه المحاولات ثبتت براءته، وإلا ثبت عليه
الجرم.. وقد بقي هذا معمولا به في انكلترا حتى القرن الثالث عشر.
وكان منها غير ذلك.. فما المنهج الذي اعتمده الإسلام في هذا؟
قال: منهج الإسلام في هذا يرتبط أول ما يرتبط بالإيمان بالله..
قلنا: وما علاقة هذا بالإيمان بالله؟
قال: أنتم تعلمون أن القضايا تبدأ بالسماع.. سماع الدعاوى
التي تتوفر شروطها..
قلنا: ذلك صحيح..
قال: الإسلام بدأ من هذا.. فنهى عن الكذب، وشدد فيه، واعتبره
علامة من علامات