تأملوا جيدا فيما سبق أن ذكرته لكم.. هل يمكن لدين يحمل كل
تلك المعاني الجميلة.. وكل تلك الأهداف النبيلة أن يصير لصا مجرما سفاحا..
قال رجل منا: صدقت.. فحدثنا ما تقول الحقائق عن نظام الدفاع
الذي جاء به الإسلام.
قال: نظام الدفاع الذي جاء به الإسلام يقوم على ركنين
أساسيين كبيرين كلاهما جاء به القرآن وكلاهما مارسه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في حياته ودعا إليه.
أما أولهما، فهو القوة.. وأما الثاني، فهو الأمانة..
وقد جمعهما الله في قول ابنة الرجل الصالح وهي تثني على موسى
u - بعدما استطاع أن يستخلص حقها
وحق أختها من قومها المستكبرين -:﴿ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ
مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)﴾ (القصص)
انظروا إلى هذه العبارة ما أجمعها.. إنها تجمع الشروط التي
تحمي الأمة كما حمى موسى u
ابنتي الرجل الصالح.. فقوة الدولة وحدها لا تكفي.. كما أن أمانتها المجردة من
القوة وحدها لا تكفي..
ولهذا.. فإن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم نبه بعض أصحابه إلى شرط القوة لأداء
الأمانة، فقال :( يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة
إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها)[1]
قلنا: ما تريد بالقوة؟
قال: القوة تعنى امتلاك جميع الأسباب التي تجعل الغير لا
يطمع فيك.. وهي ليست ـ في منظور الإسلام ـ مقتصرة على القوة الجسدية وحدها.. فقد
تكون قويا في جسدك.. ولكنك ضعيف في نفسك.. وذلك مما يطمع أعداءك فيك.