responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عدالة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 19

تجلد، وأفواه تكمم، وقمع ليس بعده قمع.. ثم يعرض بعد ذلك بعض دعاة المسلمين، وهو يدعو ـ بنبرته القوية الممتلئة بالأصداء ـ الحكام إلى المزيد من التسلط والاستبداد، ويدعو الرعية في نفس الوقت إلى الخضوع المطلق، باعتبار أن الحاكم هو سلطان الله في أرضه، وأن من أهان السلطان فقد أهان الله.

لا أكتمك أن تلك المناظر وما تلاها من الكلمات أثر في تأثيرا شديدا حتى أني امتلأت بشبه كثيرة.

ولكني مع ذلك تألمت ألما عظيما.. فقد كنت أعرف الإسلام من خلال كل البراهين التي تثبت أنه رسالة الله إلى عباده.. ولكني تعجبت أن تحوي رسالة الله كل تلك القسوة، وكل ذلك الجور.

ذهبت إلى الغابة التي كنت أفر إليها كلما ضاقت نفسي، وهناك سقط بجانبي غصن لشجرة من أشجار الغابة العملاقة.. وقد كان سقوطه قويا حتى أنه أثر على الأرض التي سقط عليها.. ولولا أن الله قدر أن أكون بعيدا بما يكفي عنه لكان سقط علي، ولكان قد قضى علي بسقوطه.

رفعت رأسي لأرى سبب سقوطه، فإذا بي أرى رجلا في قمة السلام والطمأنينة والحكمة، وهو صاعد في أعلى تلك الشجرة يشذب أغصانها، فصحت فيه من حيث لا أشعر: لقد كدت تقتلني.

أجابني بهدوئه المعتاد، وهو لا يزال أعلى الشجرة: وما الحرج في ذلك؟.. البشر كثيرون.. ولن يضر البشر فقدهم لك.

قلت: ما هذا المنطق الذي تتحدث به؟

قال: أنا لم أتحدث معك إلا بالمنطق الذي تحدث به نفسك، أو تحدثك به نفسك.. أنا كالمرآة لن ترى مني، ولا على وجهي إلا ما اختزنته فيك.

قلت: لا أرى أن عقلي قد خطر على باله مثل هذا التفكير.

نام کتاب : عدالة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست