responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عدالة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 20

قال: ربما لم يخطر هذا على عقلك الذي تفكر به.. ولكنه قد يكون خطر على العقل الذي يفكر به عقلك.. أي عقل عقلك.

قلت: وهل لعقلي عقل؟

قال: أجل.. لا يكون العقل عقلا إن لم يكن له عقل.. أم أنك تريد عقلا مجنونا؟

قلت: لم أفهم.

قال: لكل عقل منهج يفكر به.. ذلك المنهج هو العقل الباطن الذي يستوحي منه العقل الظاهر أفكاره ومواقفه.

قلت: لا يمكن أن يكون في المنهج الذي يستعمله عقلي هذا النوع من التفكير.. هذا تفكير المجرمين لا تفكير العقلاء.

قال: أرأيت لو أنك رأيت نيرون معلقا على خشبة الصليب.. وهو يسام ألوان العذاب.. أكنت ترحمه.. فتذهب وتفك عنه قيوده التي قيد بها، وتداوي جراحه؟

لم أجد ما أجيبه به، فقال: لقد احتار عقلك في الجواب.. فأنت لو قسوت عليه تكون قد تخليت عن عقلك الظاهر الذي لا يرى إلا الظواهر.. ولو أنك لم تقس عليه، وذهبت تفك قيوده لتخليت عن عقلك الباطن الذي يرى الحقائق، ولا تعميه الظواهر عنها.

قلت: أنا أميل إلى الرحمة أكثر من ميلي إلى القسوة.. بل لا أحسب أن للقسوة محلا في هذا الوجود.

قال: إن القسوة التي تمارسها بفك قيود نيرون لا يمكن أن تضاهيها أي قسوة.

قلت: كيف ذلك؟

قال: إذا رحمت نيرون، فقد قسوت على الآلاف من الذين حرقهم واضطهدهم وأبادهم.. ولو رحمت نيرون، لكنت قد دعوت كل نفس خبيثة لأن تلبس حلته ، فتحرق وتقتل وتبيد.. ولن يردعها بعد ذلك أي رادع.

نام کتاب : عدالة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 20
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست