المجتمع ما تعوده من العادات إلا إذا كان فيها أذى، فإن
الشرع يبادر إلى تحريمه.
قلنا: فهلا ضربت لنا أمثلة تقرر هذا، وتؤكده؟
قال: من أمثلة ذلك ما روي في الحديث أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: (لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه
مثقالَ ذَرَة من كِبُر )، فقيل له: الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً، و نعله حسنة،
فقال a :( إن الله جميل يحب الجمال،
الكِبُر بطر الحق وغمط الناس)[1]
فالنبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم في
هذا الحديث بين أن الشريعة لا تحرم ما تشتهيه النفس من أنواع الجمال، ولكنها تحرم
ما قد ينتج عن ذلك من الكبر والغرور والظلم.
وهكذا هي في كل القضايا لا تحرم ما تشتهيه النفس لأنها
تشتهيه.. ولكنها تحرمه لما ينتج عنه من النتائج التي تضر بالفرد أو بالمجتمع.
فالشعر ـ مثلا ـ من الفنون التي اتفقت الطبائع البشرية عليها
لم يحرمه الإسلام.. وإنما حرم ما قد يستعمل منه لنهش الأعراض ونشر الرذائل، قال
تعالى :﴿ وَالشُّعَرَاءُ
يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ
يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا
وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ
مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)﴾ (الشعراء)
ومثل ذلك أنواع الغناء والموسيقى.. فالإسلام ـ في نصوصه
القطعية ـ لا يحرم منه إلا ما آذى النفس والمجتمع بنشر الرذائل والانحراف دون ما
عداه.
^^^
ما وصل زيد بن علي من حديثه إلى هذا الموضع حتى جاء السجان،
ومعه مجموعة من الجنود، ثم أخذوا بيد خبيب، وساروا به إلى مقصلة الإعدام..