responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عدالة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 236

وبما أن القاذف يرمي إلى إيلام المقذوف إيلاماً نفسياً، ليتمتع هو بذلك الألم.. فكان جزاؤه الجلد ليؤلمه إيلاماً بدنياً.. لأن الإيلام البدني هو الذي يقابل الإيلام النفسي؛ لأنه أشد منه وقعاً على النفس والحس معاً، إذ أن الإيلام النفسي هو بعض ما ينطوي عليه الإيلام البدني.

وبما أن القاذف يرمي من وراء قذفه إلى تحقير المقذوف، وهذا التحقير فردي؛ لأن مصدره فرد واحد هو القاذف، فكان جزاؤه أن يحقر من الجماعة كلها، وأن يكون هذا التحقير العام بعض العقوبة التي تصيبه، فتسقط عدالته ولا تقبل له شهادة أبداً، ويوصم وصمة أبدية بأنه من الفاسقين.

وهكذا حاربت الشريعة الإسلامية الدوافع النفسية الداعية إلى الجريمة بالعوامل النفسية المضادة التي تستطيع وحدها التغلب على الدوافع الداعية للجريمة وصرف الإنسان عن الجريمة، فإذا فكر شخص أن يقذف آخر ليؤلم نفسه ويحقر شخصه ذكر العقوبة التي تؤلم النفس والبدن، وذكر التحقير الذي تفرضه عليه الجماعة، فصرفه ذلك عن الجريمة.

وإن تغلبت العوامل الداعية إلى الجريمة مرة على العوامل الصارفة عنها فارتكب الجريمة، كان فيما يصيب بدنه ونفسه من ألم العقوبة، وفيما يلحق شخصه من تحقير الجماعة ما يصرفه نهائياً عن العودة لارتكاب الجريمة، بل ما يصرفه نهائياً عن التفكير فيها.

سكت قليلا، ثم قال: أما ما ذكرتم من السجن وغيره.. وهو ما مارسته القوانين الحديثة، فهي تعاقب على القذف بالحبس أو بالغرامة أو بهما معاً.. فهي عقوبات غير رادعة، ولذلك ازدادت جرائم القذف والسب زيادة عظيمة، وأصبح الناس وعلى الأخص رجال الأحزاب يتبادلون القذف والسب كما لو كانوا يتقارضون المدح والثناء، كل يحاول تحقير الآخر وتشويهه بالحق أو بالباطل، وكل يريد أن يهدم أخاه ليخلوا له الجو ينطلق فيه، وسيظلون كذلك حتى يمزقوا أعراضهم ويقطعوا أرحامهم ويهدموا أنفسهم بأيديهم، ولكنهم سيتركون أسوأ مثل يحتذى لمن بعدهم.

نام کتاب : عدالة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست