قال
الرجل: ولكن.. مع ذلك.. فإن عقوبة القطع لا تتفق مع ما وصلت إليه الإنسانية
والمدنية الحديثة.. إن هذا بالنسبة لها شيء في غاية البشاعة.
قال ميثم:
وماذا عند الإنسانية الحديثة من حلول؟
وهل ترى
هذه الإنسانية من الحكمة أن تقابل السارق بالمكافأة على جريمته، وأن تشجعه على
السير في غوايته؟
وهل
تنصحنا أن نعيش في خوف واضطراب، وأن نكد ونشقى ليستولي على ثمار عملنا العاطلون
واللصوص؟
وهل
الإنسانية تعني أن ننسى طبائع البشر، ونتجاهل تجارب الأمم، ونلغي عقولنا، ونهمل
النتائج التي وصل إليها تفكيرنا لنأخذ بما يقوله من لا يجد لأقواله دليلاً إلا
التهويل والتضليل؟
بعد ذلك..
لماذا توجب هذه الإنسانية الرحيمة الأشغال الشاقة المؤبدة على بعض جرائم السرقة،
وتوجب الحكم بالأشغال الشاقة المؤقتة في بعض آخر؟
فكيف ترضى
هذه الإنسانية الرحيمة أن يوضع المحكوم عليه في السجن كما يوضع الحيوان في قفصه،
أو الميت في قبره طول هذه المدة محروماً من حريته بعيداً عن أهله وذويه؟
وأيهما
أقسى: قطع يد المحكوم عليه وتركه بعد ذلك يتمتع بحريته ويعيش بين أهله وولده، أم
حبسه على هذا الوجه الذي يسلبه حريته وكرامته وإنسانيته ورجولته؟
ثم إن
هذه الإنسانية نفسها تبيح عقوبة الإعدام، وهي تؤدي إلى إزهاق الروح وفناء الجسد،
أما عقوبة القطع فهي تؤدي إلى فناء جزء من الجسد فقط، فمن رضي بعقوبة الإعدام ـ
وأنتم بها راضون ـ وجب أن يرضى بعقوبة القطع؛ لأنها جزء من كل، ومن لم يستفظع
عقوبة