قال: لقد
اعتبرت الشريعة الحرابة وقطع الطريق وترويع الآمنين من أكبر الجرائم.. ولذلك أطلق
القرآن الكريم على المتورطين بارتكابها أقسى عبارة، فجعلهم محاربين لله ورسوله،
وساعين في الأرض بالفساد، وغلظ عقوبتهم تغليظا لم يجعله لجريمة أخرى.. قال الله
تعالى:﴿ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ
وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ
تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ
﴾ (المائدة: 32)
وقد ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية: أن العرنيين قدموا
المدينة فأسلموا، واستوخموها، وسقمت أجسامهم، فأمرهم النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم بالخروج إلى إبل الصدقة، فخرجوا، وأمر
لهم بلقاح، فانطلقوا، فلما صحوا قتلوا الراعي وارتدوا عن الاسلام وساقوا الإبل..
فبعث النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم في آثارهم، فما ارتفع النهار
حتى جئ بهم، فأمر بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وتسمل، وتركهم في الحرة يستسقون فلا
يسقون حتى ماتوا.
قال أبو
قلابة: فهؤلاء قوم سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله، فأنزل
الله عزوجل الآية.
انظروا
المأساة التي فعلها هؤلاء المجرمون.. وانظروا هذا الجزاء الذي قابلوا به الإحسان..
إن من
ينظر إلى هؤلاء بعين الرحمة.. فيطلب تخفيف العقوبة عنهم.. لا ينظر ـ في الحقيقة ـ
إلا بعين القسوة لأولئك الرعاة البسطاء الذين لم يكن لهم من ذنب سوى أنهم أطعموهم
وسقوهم وعالجوهم.
ولهذا
فإن الشريعة تشددت مع هؤلاء.. سواء في النظرة إليهم أو في عقوبهتهم.
أما في النظرة إليهم.. فقد نفى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم نسبة هؤلاء المفسدين إلى الإسلام، وإلى