قلنا: وعينا هذا.. فحدثنا عن الألم الذي عاقبت به الشريعة
القتلة.
قال: لقد وضعت الشريعة للقاتل العمد عقوبتان: أصلية.. وبدلية.
أما الأصلية، فهي القصاص.. وقد نص عليه قوله تعالى :﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى
﴾ (البقرة: 178)، وقوله تعالى :﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ
يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ (البقرة:179)
وقال a : (
ومن قتل عمداً فهو قود، ومن حال دونه، فعليه لعنة الله وغضبه، لا يقبل منه صرف ولا
عدل)[1]
وقد تشددت فيه.. فلم تعتبر الكفاءة في العدد.. ومثل ذلك يقتل الواحد بالجماعة
قصاصاً، بل تشددت في ذلك، فلم تشرع فيه إلا القصاص؛ لأن الجماعة لو قتلوا واحداً
قتلوا به، فكذلك إذا قتلهم واحد، قتل بهم، كالواحد بالواحد..
ولم تعتبر الكفاءة في الجنس والعقل والبلوغ والشرف والفضيلة
وكمال الذات أو سلامة الأعضاء.. فيقتل الرجل بالأنثى، والكبير بالصغير، والعاقل
بالمجنون، والعالم بالجاهل، والشريف بالوضيع، وسليم الأطراف بمقطوعها وبالأشل.
ولم تعتبر الكفاءة في الحرية والدين.. وإنما مجرد الإنسانية
كافية.. وذلك لأن آيات القصاص لم تفرق بين نفس ونفس.. وتحقيق ذلك في قتل المسلم
بالذمي أبلغ منه في قتل المسلم بالمسلم، لما بينهما من العداوة الدينية، وقد روي
أن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم أقاد مؤمناً بكافر، وقال: (أنا
أحق من وفى بذمته)[2]، ولأن العبد آدمي معصوم الدم
فأشبه الحر، والقصاص يتطلب فقط المساواة في العصمة.
قال رجل منا: كيف تقول ذلك.. وقد ورد في القرآن هذه التفرقة..
ففيه :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ