بالتقوى )
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ( (الحجرات:13)، ألا هل بلغت؟ قالوا: بلى
يا رسول الله، قال: فليبلغ الشاهد الغائب) [1]
وحدة الموازين:
قلنا: عرفنا التصور الثاني، فما التصور الثالث؟
قال: وحدة الموازين.
قلنا: ما تريد بذلك؟
قال: لقد وضع الله موازين واحدة للبشر جميعا.. فليس هناك
موازين لأمة دون أمة ولا لشعب دون شعب.. لقد أشار إلى ذلك قوله تعالى :﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا
أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ
مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ
الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)﴾ (النساء)
وقال منكرا على من غرته الأماني:﴿ أَمْ لِلْإِنْسَانِ
مَا تَمَنَّى﴾ (لنجم:24)أي ليس كل من تمنى خيراً حصل له، وقد عقبت هذه
الآية بقوله تعالى:﴿ فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى﴾ (لنجم:25)،
وكأنها تشير إلى أن عجز الأماني وقصورها عن تحقيق مطالب الإنسان في الدنيا هو نفسه
عجزها وقصورها عن تحقيق مطالبه في الآخرة.
ومن الأماني التي تصورها الخلق بديلا عن الكسب الاغترارا
بالأنساب، وتوهم أنها من القوة بحيث تحول بين الله وعقوبة من يستحق العقوبة،
فيتساوى في منطقها الصائم القائم بالسكير الفاجر لأن نسب الفاجر ـ على حسب هذا
الوهم ـ من القوة ما يلغي عدالة الله بين عباده.
ولهذا أنكر تعالى على الأمم قبلنا هذا الوهم، فقال تعالى:﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ