ووجدت القرآن ينسب الخطيئة للزوجين
كليهما.. لا لحواء وحدها[1].. قال تعالى :﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا
فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ
عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) (البقرة:36)
ووجدت
فيه أن التوبة حصلت من كليهما.. قال تعالى :﴿ قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ
[1] وهذا ما يدل على أن
الحديث المروي في ذلك عن أبي هريرة وهو (لولا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام ولم يخنز
اللحم و لولا حواء لم تخن أنثى زوجها) لا يصح رفعه إلى رسول الله a.. بل هو على الأصح من حديث
كعب الأحبار.. فقد كان أبو هريرة يروي عن كعب الأحبار، فيختلط على الرواة،
فيرفعونه إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.. وقد روى مسلم عن بسر بن سعيد قال: (اتقوا الله وتحفظوا من الحديث،
فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدث عن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ، ويحدثنا عن كعب الأحبار، ثم
يقوم، فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كعب،
وحديث كعب عن رسول الله)، وفي رواية: (يجعل ما قاله كعب عن رسول الله، وما قاله
رسول الله عن كعب، فاتقوا الله وتحفظوا في الحديث )
وأدل دليل على ذلك هو أن في
الحديث المذكور نسبة كل خيانة تقع من المرأة إلى حواء مع أن القرآن الكريم بل
الشريعة جميعا تنص على أن كل شخص مسؤول على عمله وحده.
ومثل ذلك ما يصيب اللحم من
خنز، فنحسب هذا من خواص اللحم التي جعلها الله فيه., وكان ذلك قبل بني إسرائيل
وبعدهم.
وهذا الذي ذهبنا إليه ـ
والذي قد يجد نقدا حادا عند البعض ـ هو ما ذهب إليه البخاري وابن كثير وغيرهما في
نقدهما لما رواه مسلم عن أبي هريرة أنه قال: أخذ رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بيدي، فقال: (خلق الله التربة يوم
السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم
الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد
العصر من يوم الجمعة)، وقد قال البخاري وابن كثير وغيرهما ردا على هذا: إن أبا
هريرة قد تلقى هذا الحديث عن كعب الأحبار، لأنه يخالف نص القرآن في أنه خلق
السماوات والأرض في ستة أيام.