قلنا: فحدثنا عن المساواة بين رؤساء الدول والرعايا.
قال: : تسوي الشريعة بين رؤساء الدول والرعايا في سريان
القانون، ومسئولية الجميع عن جرائمهم، ومن أجل ذلك كان رؤساء الدول في الشريعة
أشخاصاً لا قداسة لهم، ولا يمتازون عن غيرهم، وإذا ارتكب أحدهم جريمة عوقب عليها
كما يعاقب أي فرد.
وقد كان الرسول a وهو نبي ورئيس دولة لا يدعي لنفسه قداسة ولا امتيازاً، وكان يقول
دائماً :﴿ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ
مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ﴾ (الكهف: 110)، و﴿ هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً ﴾ (الإسراء: 93)
وكان a
قدوة لخلفائه وللمسلمين في توكيد معاني المساواة بين الرؤساء والمرءوسين.. دخل
عليه أعرابي فأخذته هيبة الرسول، فقال له a :( هوَّن عليك، فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد)[1]
وخرج أثناء مرضه الأخير بين الفضل ابن عباس وعلي حتى جلس على
المنبر، ثم قال: (أيها الناس من كنت جلدتُ له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه، ومن
كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد منه، ومن أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ
منه، ولا يخش الشحناء من قِبَلي فإنها ليست من شأني، ألا وإن أحبكم إليَّ من أخذ
مني حقاً إن كان له، أو حللني فلقيت ربي وأنا طيب النفس)، ثم نزل فصلى الظهر، ثم
رجع إلى المنبر فعاد لمقالته الأولى[2].
قلنا: عرفنا مساواة الشريعة الإسلامية بين رؤساء الدول
والرعايا.. فحدثنا عن المساواة بين الملوك والسوقة.
قال: لا تميز الشريعة الإسلامية بين أفراد المجتمع، فهم لدى
الشريعة سواء، فالحاكم كالمحكوم، والشريف كالوضيع، والقوي كالضعيف، والنابه
كالخامل..