قال: في هذا الحديث يخبرنا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أن الحياة تقتضي التنوع.. فإن كان في
السفينة طبقتين.. فلابد أن يحل بعض الركاب في أسفلها وبعضهم في أعلاها.. فلا يمكن
أن يجتمع الجميع في طبقة واحدة..
وهكذا الحياة .. لا بد أن يتنوع الناس فيها.. فمن الناس من
ينصرف للعلوم.. ومنهم من ينصرف للصناعات.. ومنهم من ينصرف للمكاسب.. وكل ذلك محترم..
ولا حرج فيه.. لقد أشار القرآن إلى هذا، فقال :﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ
خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ
فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
(165)﴾ (الأنعام)
ولكن الحرج في أن يظلم بعضهم بعضا، أو يبغي بعضهم على بعض،
أو يتكبر بعضهم على بعض، أو يستغل بعضهم قدراته ليضرب بها غيره..
قال رجل منا: نعم.. الإسلام احترم التنوع الكسبي المرتبط
بالمعايش والأرزاق.. ولكنه لم يحترمه فيما يرتبط بالأفكار والمذاهب والملل والنحل.
ابتسم النفس الزكية، وقال: بل لم يوجد في دين الدنيا احترم
كل ذلك كما فعل الإسلام.. اسمع إلى القرآن الكريم وهو يقرر الجهاد في سبيل الله في
سبيل حماية المعتقدات المختلفة.. قال تعالى :﴿.. وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ
النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ
وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ
يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)﴾ (الحج)
قال الرجل: ولكن الإسلام يفرق بين الناس على أساس أديانهم..
ألم تر في القرآن هذه العبارة :﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ
كَالْمُجْرِمِينَ (35)﴾ (القلم).. وهذه العبارة :﴿ أَمْ نَجْعَلُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ
نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)﴾ (ص).. وهذه العبارة :﴿
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا
يَحْكُمُونَ (21)﴾ (الجاثية).. وغيرها من العبارات التي توحي بالتفرقة بين
الناس على أساس أفكارهم وسلوكهم؟