قال النفس الزكية: لا يمكن أن يدخل الناس الإسلام بالعنف..
فالإسلام حب.. والحب لا يفرض بالعنف.. ومن يفعل ذلك يخرج الناس من الإسلام، ولا
يدخلهم فيه..
لقد حصل في عهد رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أنه كان في بني النضير ـ وهم من اليهود
ـ أناس من أبناء الأنصار قد تهوّدُوا[1] بسبب تربيتهم بين ظهراني
اليهود، فأراد أهلوهم المسلمون منعهم من الرحيل معهم فأنزل الله عزوجل :﴿
لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ
يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ
الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)﴾ (البقرة)
قال الرجل: فهل احترم المسلمون هذا؟
قال النفس الزكية: أجلهم.. وما كان لهم إلا أن يحترموا..
والتاريخ أكبر شاهد على ذلك[2]..
انظروا - مثلا - إلى العهد الذي كتبه الرسول a في أعقاب غزوة تبوك عام 9 هـ لنصارى
نجران، ذلك العهد الذي يمثل قمة من قمم العدل والسماحة والحرية، والذي لم يفرض
عليهم فيه سوى جزية عينية متواضعة.. لقد جاء فيه: (ولنجران وحاشيتهم جوار الله..
ومن سأل منهم حقاً فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين.. ولا يُؤاخذ أحد منهم
بظلم آخر.. وعلى ما في هذه الصحيفة جوار الله وذمة النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم أبداً، حتى يأتي الله بأمره إن نصحوا
وأصلحوا فيما
[1] روى أبو داود في سبب
تهودهم عن ابن عباس قال: كانت المرأة تكون مُقْلاة، فتجعل على نفسها إن عاش لها
ولد أن تُهَوِّده، فلما أجليت بنو النضير، كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا:
لاندع أبنائنا فأنزل الله عزوجل:﴿ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ
الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ
فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)﴾ (البقرة)
[2] نقلنا المعلومات
التاريخية الواردة هنا من مقال بعنوان (شهادة التاريخ)، بقلم أ. د. عماد الدين
خليل.. من موقع (الإسلام اليوم)