مدني محض خال من كل معنى للعبادة والقربة.. ولهذا كانت
(النية) شرطًا لأداء الزكاة وقبولها عند الله، إذ لا عبادة إلا بنية.
ولهذا تذكر (الزكاة) في قسم (العبادات) في الفقه الإسلامي،
اقتداء بالقرآن والسنة اللذين قرنا الزكاة بالصلاة.. فالقرآن في نيف وعشرين موضعًا
من سوره المكية والمدنية، وأما السنة ففي مواضع لا حصر لها.
ولما كانت الزكاة عبادة وشعيرة وركنًا دينيًا من أركان
الإسلام، لم تفرض إلا على المسلمين، فلم تقبل الشريعة السمحة أن توجب على غير
المسلمين فريضة مالية فيها طابع العبادة والشريعة الدينية، وهذا بخلاف الضريبة،
فهي تجب على المسلم وغير المسلم، تبعًا لمقدرته على الدفع.
قال الرجل: وما القيمة العملية لهذا الفرق؟
قال حجر: لهذا قيمة كبيرة.. فالضريبة يتهرب منها من ضربت
عليه بينما الزكاة ـ باعتبارها عبادة ـ يسعى بها صاحبها قريرة بها عينه، لأنه يعلم
أن الله كلفه بها، وأنه يقوم بإخراجها طاعة لله لا طاعة لأي سلطة.
بالإضافة إلى هذا فإن كونها عبادة جعل تحديد مقاديرها
وأنصبتها ومصارفها وكل ما يرتبط بها لله.. لله وحده.
فالزكاة حق مقدر بتقدير الشارع، فهو الذي حدد الأنصبة لكل
مال، وعفا عما دونها، وحدد المقادير الواجبة من الخمس إلي العشر، إلي نصف العشر،
إلي ربع العشر.. فليس لأحد أن يغير فيما نص عليه الشرع أو يبدل، ولا أن يزيد أو
ينقص.. بخلاف الضريبة، فهي تخضع في وعائها، وفي أنصبتها، وفي سعرها، ومقاديرها
لاجتهاد السلطة وتقدير أولي الأمر، بل بقاؤها وعدمه مرهون بتقدير السلطة لمدى
الحاجة إليها.
ويترتب على هذا: أن الزكاة فريضة ثابتة دائمة ما دام في
الأرض إسلام ومسلمون، لا