أما كلمة (الزكاة)، وما تحمله من دلالات التطهير والتنمية
والبركة، فهي توحي بأن المال الذي يكنزه صاحبة، أو يستمتع به لنفسه، ولا يخرج منه
حق الله الذي فرضه يظل خبيثًا نجسًا، حتى تطهره الزكاة، وتغسله من أدران الشح
والبخل.
وهي توحي كذلك بأن هذا المال الذي ينقص، في الظاهر، لمن ينظر
ببصره، يزكو وينمو ويزيد، في حقيقة الأمر، لمن يتأمل ببصيرته. كما قال تعالى
:﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا
يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)﴾ (البقرة)، وقال :﴿ قُلْ
إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ
وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
(39)﴾ (سبأ)، وقال الرسول a:(وما
نقص مال من صدقة)[1]
وهي توحي كذلك أن الطهارة والنماء والبركة ليست للمال وحده،
بل للإنسان أيضًا: لآخذ الزكاة ولمعطي الزكاة.. فآخذ الزكاة ومستحقها تتطهر بها
نفسه من الحسد والبغضاء وتنمو بها من معيشته، إذ تحقق له ولأسرته تمام الكفاية..
وأما معطي الزكاة فيتطهر بها من رجس الشح والبخل وتزكو نفسه بالبذل والعطاء،
ويبارك له في نفسه وأهله وماله، قال تعالى :﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ
صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ
سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)﴾ (التوبة)
قال الرجل: دعنا من الاسم.. وعد بنا إلى المسمى.. فما أسهل
أن نسمي الضريبة باسم الزكاة، وترتفع المشكلة.
ابتسم حجر، وقال: ليس الشأن في الاسم.. الشأن في المسمى..
وشتان بين مسمى الزكاة ومسمى الضريبة:
فالزكاة عبادة فرضت على المسلم، شكرًا لله تعالى، وتقربًا
إليه.. أما الضريبة فهي التزام