ولذلك يجب علي المسلم أن يدفع الزكاة وهو طيب النفس بها،
راجيًا أن يتقبلها الله منه ولا يردها عليه، ويستحب له أن يسأل ربه قبولها بمثل
هذا الدعاء: (اللهم اجعلها مغنمًا، ولا تجعلها مغرمًا).
ومن هنا يحرص المسلم على إيتاء الزكاة ولا يتهرب من دفعها،
كما يتهرب جمهور الناس من دفع الضرائب، فإن لم يتهربوا دفعوها مكرهين أو كارهين..
بل نجد من المسلمين من يدفع من ماله أكثر مما توجبه الزكاة، رغبة فيما عند الله،
وطلبًا لمثوبته ورضوانه.
بالإضافة إلى كل هذا، فللزكاة أهدافا روحية وخلقية تحلق في
آفاق عليا، تقصر الضريبة عن الارتقاء إليها، وحسبنا من هذه الأهداف ما صرح كتاب
الله في شأن أصحاب المال المكلفين بالزكاة حيث قال تعالى :﴿ خُذْ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) ﴾
(التوبة)، ومعنى (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) أي ادع لهم، وكان a يدعو لدافع الزكاة بالبركة في نفسه وفي
ماله، وهو أمر مندوب لكل عامل على الزكاة أن يدعو لمعطي الزكاة اقتداء بالنبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم.
أما الضريبة فهي بمعزل عن التطلع إلى مثل هذه الأهداف، وقد
ظل رجال المالية قرونًا يرفضون أن يكون للضريبة هدف غير تحصيل المال للخزانة، وسمي
هذا (مذهب الحياد الضريبي)، فلما تطورت الأفكار، وتغيرت الأوضاع الاجتماعية
والسياسية والاقتصادية، انهزم مذهب الحياديين، وظهر الذين ينادون باستخدام الضرائب
أداة لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية معينة، أو تقريب الفوارق وغير ذلك، وهذا إلى
جوار هدفها المالي، وهو الهدف الأول.
ولكن لم يستطع مشرعو الضرائب ولا علماء المالية العامة
ومفكروها أن يخرجوا من دائرة الأهداف المادية، إلى دائرة أرحب وأبعد مدى، وهي
دائرة الأهداف الروحية والخلقية