والكنيسة والمجامع والبابوات ثالثاً ـ ما يصلح شريعة
للإنسانية.
إن مستر دالاس ـ بحكم عدم خبرته في هذا المجال ـ يكلف رجال
الكنيسة والزعماء الروحيين مالا قبل لهم به حين يطلب إليهم، بما بين أيديهم من
رصيد مهلهل للمسيحية، ومن تاريخ مرير بين الكنيسة ورجالها والدين وأهله وبين ضمائر
الناس وعقولهم، ومن فصام نكد قامت بعده كل جوانب الحياة والفكر والشعور على أساس
العداء للدين كله[1]..
إنه يكلفهم بعد كل هذا مالا قبل لهم به.. إنه يطلب إليهم
استحداث منهج من ذلك الرصيد المهلهل، يصل بين الإيمان والعمل، وبين الفردية
والجماعية، وبين الروح والمادة، وبين التقدم العلمي والهيمنة الروحية على هذا
التقدم، وبين العناية بتنمية الحياة للمجتمع مع سيطرة الروح الإيماني.. منهج لا
يفرق بين الدين وممارسة الدين. ويرفض القول: بأنه من غير الممكن الحصول على عدالة
اجتماعية بدون ممارسة الإلحاد والمادية. كما يرفض أن يكون للأشياء المادية
الأولوية. أو أن تكون العبودية والاستبداد وسيلة الإكثار من الإنتاج المادي. او أن
يعتدي على الحرية العقلية والروحية والاقتصادية في سبيل هذا الإكثار.. منهج لا
يطلب وقف التقدم العلمي باسم (الدين)! ولا يجعل التدين وسيلة واحدة هي عودة العلم
والمعرفة القهقري!.. وفي النهاية منهج تتطور (العبادة) فيه حتى يصبح (العمل) إحدى
صورها..
إن منهجا بهذه الصفة لا يمكن أن يوجد في الكنيسة..
إن مستر دالاس يريد أن يجند (الدين) لحماية الأنظمة الغربية
من الشيوعية.. ولكن الدين لا يملك أن يصنع شيئاً في هذه المعركة الصغيرة! بين
أنظمة مادية وأنظمة مادية من نوع آخر! انه لا يملك أن يصنع شيئاً في صورته الباهتة
التي تراد له.. لا يملك أن يدافع عن الناس وهو مطرود من حياتهم طرداً قبيحاً!
[1] ذكرنا التفاصيل الكثيرة
المرتبطة بهذا في رسالة (ثمار من شجرة النبوة) من هذه السلسلة.