سلطان من الله، ويجعل ذاته مصدر السلطان، وإرادته شريعة
لبني الإنسان!
ومن ثم فإنه لا تعارض -في التصور الإسلامي- بين رفعة الإنسان
وعظمته وكرامته وفاعليته، وبين عبوديته لله -سبحانه- وتفرد الله بالألوهية
وبخصائصها جميعاً.
ولا حاجة إذن - عندما يراد رفع الإنسان وتكريمه - أن تخلع
عنه عبوديته لله، أو تضاف إلى ناسوتيته لاهوتية ليست له، كما احتاج رؤساء الكنيسة
والمجامع المقدسة أن يفعلوا، ليعظموا عيسى u ويكبِّروه :﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ
هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ
حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ
مِنْ أَنْصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ
ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا
يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)
أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(74) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ
الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ
نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ
أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا
وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) ﴾ (المائدة)
وهكذا تتوازن هذه المصادر.. كل بحسبه.. وتتناسق في إمداد
الكائن الإنساني بالمعرفة.. ويتوازن التصور الإسلامي، فلا يشط ولا يضطرب ولا
يتأرجح بين هذه المصادر، ولا يؤلّه ما ليس منها بإله!
التوازن السلوكي:
قلنا: حدثتنا عن التوازن التصوري.. فحدثنا عن التوازن
السلوكي.
قال: لقد عبر القرآن القرآن الكريم عن هذا التوازن، فقال
:﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ
نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا
تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ
(77)﴾ (القصص)