قال الرجل: وأولئك العمالقة الخبراء من علماء القانون؟
قال خبيب: أولئك مهما سموا.. فسيظلون بشرا.. لهم شهوات البشر
وأهواؤهم وأمراضهم.. ولا يمكن للمريض أن يعالج صحيحا.
ولعل أكبر دليل على ذلك هو تخبط البشر في وضع القوانين..
كتخبطهم قبلها في تصورهم لحقيقة الإنسان:
لقد قال
بعض خبراء التشريع مقررا هذا: (لو طلبت من عشرة خبراء أن يعرفوا القانون، فعليك أن
تستعد لسماع أحد عشر جوابا! ! )
لقد
انقسم خبراء التشريع إلي مدارس فكرية كثيرة ؛ ولكننا- رغم تعدد هذه المدارس- قد لا
نجد لبعض كبار علماء القانون فيها مكانا!
قال
الرجل: ما سر ذلك؟
قال
خبيب: إن سبب ذلك يرجع إلى عجز هؤلاء الخبراء عن التوصل إلي أساس صحيح يمكن إقامة
صرح التشريع عليه.. إنهم يجدون أن القيم التي يحاولون جمعها في هيكل الدستور
يستحيل وضعها في ميزان واحد.. وأن مثل رجل القانون في محاولته هذه كمثل الرجل الذي
يزن مجموعة من الضفادع بمجموعة أخرى مماثلة ؛ فكلما وضع مجموعة في كفة وجد أن ضفادع
الكفة الثانية قد وثبت إلي الماء مرة أخرى، ومن ثم باءت كل الجهود- التي استهدفت
الحصول علي الدستور المثالي- بالفشل الذر يع.
لقد عبر
الأستاذ (و. فريدمان ) عن هذه المشكلة قائلا: ( وإنها لحقيقة: أن الحضارة الغربية
لم تجد حلا لهذه المشكلة غير أن تنزلق من وقت لآخر، من نهاية إلي نهاية أخري)
ولاحظ
(جون آستين) أن الدستور- أي دستور- لايصبح نافذ المفعول إلا إذا كانت تسنده قوة من
ورائه، فعرف (القانون) في كتابه، الذي نشر لأول مرة عام1861 علي النحو التالي:
(القانون هو الحكم الذي أصدره (رجل رفيع المنزلة سياسيا لمن هو أدني منه في
المرتبة