أما الأول، فقد وجدت حقيبتي في انتظاري في المطار، وقد وجدت
كتبا أخرى بدل الكتب التي وضعت.. وكان من أهم ما لفت انتباهي منها كتاب اسمه
(عدالة للعالمين).. لقد شد هذا الكتاب انتباهي.. فرحت أقرؤه بكل مشاعري.. وقد رأيت
فيه من الأدلة على عدالة الإسلام ما قضى على كل الشبهات التي كانت تمتلئ بها نفسي.
وأما الثاني، فقد رأيت كاميرات الصحفيين مسلطة علي، بل قصدني
الكثير من الصحفيين.. قال لي أحدهم: احك لنا ما حصل بالضبط.. وقال آخر: كيف نجوت
منهم؟.. وقال آخر: ألم يحكموا عليك بالإعدام؟.. وقال آخر: ما الفدية التي قدمتها
أو قدمها الفاتيكان حتى نجوت منهم؟.. وقال آخر: هل نجا جميع الجنود الذين استنقذوك
من أيدي أكلة لحوم البشر؟
لم أجد ما أقول، فقد كانت الفوضى تملأ المكان، وكان الزحام
الذي اختلطت فيه الأصوات يمنعني من أن أنبس ببنت شفة.
تدخلت الشرطة، وصرفت الصحفيين، وتركتني لأذهب مع أخي إلى
بيتنا.. وهناك سألت أخي عن قصة الصحفيين، فقال لي: لا تهتم.. أنت تعرف الصحفيين.
لكنني ألححت عليه، فأخبرني أن هناك إشاعة قد انتشرت في البلد
بأنه قد حكم عليك بالإعدام، وأن أولئك المسلمين الذين كنت بين أيديهم قد طلبوا
فدية كبيرة لتخليصك..
ثم ابتسم، وقال: لقد كنت طيلة تلك الفترة حديث الخاص والعام..
حتى المسؤولين الكبار تحدثوا عنك.. وقد وعد وزير حربنا بأن يخلصك منهم من غير أي
فدية.. ولعله الآن يتحدث عن البطولات التي قدمها جنوده لأجل تخليصك.
قلت: ولكني كنت في غاية الأمان.
قال: إياك أن تكرر هذا.. نحن في حرب مع أولئك.. ولا ينبغي أن
يظهر للناس منهم إلا ما نريد أن نبديه.. ألا تريد لدين المسيح أن ينتصر؟