الطبيعة،
ومن ثم لم يكن شرب الخمر والسكر الذي يتبعه جريمة في الواقع، إلا إذا اعتدي شارب
الخمر علي أحد المواطنين في هذه الحالة من السكر ؛ أو خرج إلي الشارع وهو سكران ؛
فالجريمة ليست هي حالة السكر بل الاعتداء علي الآخرين في تلك الحالة!
لكن
الشريعة تخالف ذلك وتعتبر شرب الخمر جريمة تعاقب عليها.. وقد وجدت أنها في هذا
أصلح للإنسان من القانون.. فالخمر تضر بالصحة، وتبدد أموال الناس، وتؤدي بمدمنيها
إلي كوارث اقتصادية محققة، وتضعف الشعور الأخلاقي، حني إن الإنسان يتحول إلي حيوان
رويدا رويدا.. والخمر خير مساعد للمجرمين، فهي تشل الإحساسات اللطيفة، حتى يستطيع
الإنسان اقتراف أية جريمة من السرقة والقتل، وهدر العصمة.. ولكن القانون الإنساني
رغم هذه المعايب الشنيعة لن يتمكن من تحريم الخمر، لأنه لا يجد جوابا يسوغ تدخله
في حق من حقوق الإنسان الطبيعية[1]! !
التأثير:
قلنا: حدثتنا عن الركنين الأولين.. فحدثنا عن الثالث الذي
جعلك تعتبر الربانية ركنا من أركان الشريعة.. وخاصة من خصائصها الأساسية.
قال: لقد
عرفت من خلال أدلة واقعية كثيرة أن الشريعة الوحيدة التي تستطيع أن تؤثر في الناس
هي الشريعة التي يفرضها إله قوي حاكم له سلطة على عباده، فهو يجازيهم إن أحسنوا،
ويعاقبهم إن أساءوا.. وهو مع ذلك كله مطلع عليهم يعرف سرهم وعلانيتهم.
وهذا
الذي عرفته يمكنكم أن تعرفوه جميعا.. وبسهولة ويسر..
فأنتم
تعرفون أنه لو طرحت ـ مثلا ـ قضية أمام القانون، وتعمد الفريقان وشهودهما الكذب،
فلم يتبين الصدق أمام القاضي.. فإن القاضي في هذه الحالة لن يتمكن من الحكم
[1] سنرى التفاصيل المرتبطة
بموقف الإسلام من الجرائم المختلفة في فصل (الحزم) من هذه الرسالة.