قال رجل: لقد ذكرت لنا القرآن.. وأنه ترك المجال للعقول
لتتحرك ضمن ثوابته.. ولكنك ذكرت أن السنة تشرح القرآن.. ألا يؤدي هذا إلى تحويل
المتغيرات التي تركها القرآن الكريم إلى ثوابت؟
قال خبيب: نرى في السنة كما نرى في القرآن الكريم كلا
الأمرين: الثوابت والمتغيرات جميعا:
سأضرب لكم مثلا مقربا لهذا من سيرة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وحياته الدعوية.. وفي كليهما تتجلى
الثوابت والمتغيرات بأجلى صورة:
أنتم تعرفون أن محمدا a كان في ثباته على مبادئه كالطود الأشم..
لقد رفض التهاون أو التنازل عن كل ما يتصل بتبليغ الوحي أو يتعلق بكليات الدين،
وقيمه، وأسسه العقائدية والأخلاقية.
في مقابل هذا نجد مرونة واسعة في مواقفه السياسية في مواجهة
من واجهوه بالمحاربة، بما يتطلبه الموقف دون تزمت أو تشنج أو جمود.
ففي يوم الأحزاب مثلا أخذ a برأي سلمان الفارسي في حفر الخندق حول
المدينة.. وشاور بعض رؤساء الأنصار في إمكان إعطاء بعض المهاجمين مع قريش جزءا من
ثمار المدينة، ليردهم ويفرقهم عن حلفائهم، كسبا للوقت إلى أن يتغير الموقف..وقال
لنعيم بن مسعود الأشجعي ـ وقد أسلم، وأراد الانضمام إلى صفوف المسلمين ـ : ( إنما
أنت رجل واحد، فخذل عنا ما استطعت)
ومثل ذلك يوم الحديبية.. لقد قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في ذلك اليوم: (والله لا تدعوني قريش
اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها)
قارنوا هذا بقوله فيما يرتبط بالثوابت : (يا عم، والله لو
وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يسارى على أن أترك هذا الأمر ـ حتى يظهره الله أو
أهلك فيه ـ ما تركته )