وقد حدثتني الدكتورة (سوزان ستايتمتر) أستاذة الدراسات العائلية في جامعة
(ملاوير) قائلة: (لقد تعودنا طوال تاريخنا على الإساءة للمسنين، إننا نميل إلى
العنف البدني، وقد أصبح هذا جزءاً ثابتاً من طبيعة عائلات كثيرة تسيء للمسنين،
بالعنف والاضطهاد، وأصبح إهمالهم وعدم الرفق بهم، أو حتى نجدتهم من الأمور الشائعة
في المجتمعات الأوربية)[1]
وحدثني صديق لي كان يعمل مناوباً في أحد المستشفيات هناك، وكان قد توفي
رجل مسن في تلك الليلة عنده، فأحب أن يعزي أسرة المتوفى، واتصل بولده في الساعة
الثانية عشرة ليلاً، وعزاه بوفاة والده على وجل.. فما كان من الابن إلا أن امتعض
من هذا الاتصال وقال: أتتصل بي في هذه الساعة المتأخرة من الليل، لتخبرني بوفاة
والدي؟! وماذا تنتظر مني أن أفعل؟!.. أنا مسافر صباحاً لمدة ثلاثة أيام، ضعوه في
الثلاجة، وسأراجعكم حين عودتي، من أجل استلام الجثة)[2]
وحدثني آخر.. كان هو الآخر طبيبا في بعض الدور التي أسستها.. قال لي: (كنت
أعجب من أحد الشيوخ المرضى، الذين كنت أقوم بعلاجهم في أحد المستشفيات التي كنت
أعمل فيها، في إحدى ضواحي مدينة لندن، فقد كان الرجل لا يمل من الكلام عن ابنه
البار الذي ليس له نظير في عالم اليوم.
ولم أر ابنه يزوره أبداً، فسألته عن ولده، أمسافر هو؟! فأجاب لا، إنه
موجود، ولكنه لا يأتي لزيارتي إلا يوم الأحد، فقد عودني ذلك منذ سنين عديدة.. تصور
يا دكتور! كان يأتيني كل يوم أحد حاملاً معه باقة من الورود، ونذهب سوياً لنضعها
على قبر أمه.
ولما سألته: هل ينفق عليه؟! قال: لا أحد ينفق على أحد في هذه البلاد..
إنني أستلم كذا من الجنيهات، من الضمان الاجتماعي، وهي لا تكاد تكفيني للقوت
والتدفئة، ولكن هل هناك
[1] مجلة الأسرة، العدد (105)
بعنوان: (المسنون في ديننا وحضارتهم)، من مقال لخالد ابن ناجم الشريف.