من ورثة النبوة.. وكان اسمه (ابن عوسجة)[1].. وكان مما حدثني به قوله a:(رحم الله والدا أعان
ولده على بره)[2]
وحدثني أن رجلا سأل النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال: يا رسول الله من أبر؟ فقال: (بر
والديك)، فقال: ليس لي والدان، فقال:(بر ولدك كما أن لوالديك عليك حقا كذلك لولدك
عليك حق)[3]
بعدما سمعت منه ذلك وغيره امتلأت حياء منك ومن إخوانك..
وقد جئت إلى هذه الدار لأكفر عن سيئاتي، ولأدعكم وما تشاءون من الحياة التي
تختارونها.
لقد شعرت أني كنت ثقيلا عليكم.. فلم يكن يرضيني إلا
أن تسير حياتكم على المنهج الذي سارت عليه حياتي مع أن الحياة تستلزم التطور
والتغير.. فليس للآباء الحق في أن يضعوا أبناءهم في قوالبهم فلكل زمان حياته.
تقدم الابن من أبيه، وقال: لا يا والدي.. أنت حكيمنا..
ومن الخطأ الكبير أن نهملك أو نهمل حكمتك وخبرتك في الحياة وتجاربك فيها.
قال الأب: أنا لن أبخل عليكم بشيء من خبرتي.. ولكني
مع ذلك أشعر أن الموقف الذي
[1] أشير به إلى (مسلم بن
عوسجة)، وهو أول شهيد من أنصار الحسين بعد الحملة الأولى، كان شيخاً كبير السن،
وكان صحابياً ممن رأى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وروى عنه، وكان رجلاً شجاعاً وجريئاً شارك في الكثير من حروب المسلمين،
وشهد مع علي كلّ غزواته.
كان في الكوفة يأخذ البيعة
للحسين، وقد جعله مسلم بن عقيل حين ثار بالكوفة على رأس طائفة من مذحج واسد.. وفي
ليلة عاشوراء لما أوعز الإمام الحسين أن يتخذوا ظلام الليل جملاً وينصرفوا وقف
مسلم بن عوسجة موقفاً جريئاً وقام متكلّماً وقال: (والله لو علمت أني أقتل ثم
أُحيي ثم أحرق ثم أُذرى، يُفعل بي ذلك سبعين مرّة ما تركتك فكيف وإنما هي قتلة
واحدة ثم الكرامة إلى الأبد)
وعند القتال لم يتجرّأ أحد
من الأعداء على مبارزته، فرضخوه بالحجارة ولما سقط على الأرض وكان به رمق مشى إليه
الحسين وحبيب بن مظاهر، فدعا له الحسين وبشّره بالجنّة.. ولما اقترب منه حبيب بن
مظاهر قال له مسلم: (أوصيك بهذا- وأشار إلى الحسين- فقاتل دونه حتّى تموت) (انظر:
موسوعة الغدير)
[3] رواه أبو عمر النوقاتي في
كتاب معاشرة الأهلين من حديث عثمان بن عفان دون قوله:(فكما أن لوالديك..)، وهذه
القطعة رواها الطبراني من حديث ابن عمر قال الدارقطني في العلل: إن الأصح وقفه على
ابن عمر.