وقفته معك خصوصا كان موقفا خاطئنا.. فلا يمكنني أن
أمنعك مما رغبت فيه نفسك ما دام قد أباحه لك الشرع.
ولذلك فسر على بركة الله.. فقد أذنت لك فيه.. كما
أذنت لك في غيره مما أباحه لك ربك.. فلا يحق لمسلم – مهما كانت مرتبته - أن يحرم ما أحل الله..
نعم.. نحن الآباء.. ونتيجة لما رأيناه من تعظيم ربنا
لحقوقنا رحنا نتصور أن لنا الحرية المطلقة في كل شيء..
وهذا خطأ كبير وغرور عظيم.. فالرب رب الجميع.. والشرع
شرع الجميع.. ونحن كلنا عباد الله.. ولا يحق لأي عبد كان أن يستذل غيره، أو يتعامل
معه من موقع غير موقع العبودية الذي وضعه الله فيه وشرفه به.
قال الابن: حاضر يا أبي.. أنا طوع أمرك.. ولكني لن
أتحرك من هنا.. ولن يتحرك هؤلاء جميعا إلا إذا سرت معنا إلى ذلك العرش الذي وضعك
الله فيه.. فلا يمكن لبيوتنا أن تستقر، ولا لبالنا أن يستريح وأنت بعيد عنا.
التفت الشيخ إلى (برنارد بيرجمان)، وقال: آسف يا ملك
بيوت المسنين.. ها أنت ترى حرص أولادي على الذهاب معهم.. فاعذرني.. فأولادي قد
نصبوا لي عرشا في بيوتهم وفي قلوبهم، ولا يمكنني أن أتخلى عن عرشي.. ولذلك سأدعك
لعرشك.. واسمح لي أن أذهب لعرشي.
^^^
بعد هذا الموقف الذي رأيته بعيني ازداد إحباط (برنارد
بيرجمان)، فراح يتحرك حركات عشوائية.. قال بعدها، وكأنه يهدد شخصا لا أراه: أنت هو
السبب.. أعلم أنك أنت السبب.. ولذلك انتظر.. سأستعمل كل وسائلي لأصرف الناس عنك..
فلا يمكن لهذه الدار أن تمتلئ.. وصورتك في عيون الناس، وحبك في قلوبهم، وذكرك في
أفواههم.