ويمكن وصف الإنسان وفق عبارات د. نيوبيرج نفسه بأنه:
(موجه بقوة نحو التدين)، وأن (التجربة العملية لا يمكنها أن تخبرنا بطريقة مباشرة
عن ذات الله، ولكنها تخبرنا كيف خلق الإنسانَ لكي يعرفه ويعبده)، وهي تخبرنا أن:
(عبادة الله وظيفة والإيمان به مطلب طبيعي يماثل الطعام والشراب)، وأن (المخ
البشري ليس معدا تشريحيا ووظيفيا فحسب للإيمان بالله وعبادته، وإنما هو أيضا مهيأ
عند قيامه بوظيفة العبادة لحفظ سلامة النفس والبدن بتوجيه العمليات الحيوية خلال
منظومة عصبية وهرمونية متشابكة)
وبهذا نزداد يقينا في وجود الله تعالى وقدرته، وإلا
فلا فائدة من الملكات الهائلة الممنوحة للإنسان، والتي ميزته عن كافة الأحياء
الأخرى في الأرض، وهكذا لم يعد الإيمان بالله تعالى في الدراسات العملية الحديثة
ضربا من الفلسفة والخيال الشعبي كما كان يردد الملاحدة بلا مستند في أوائل القرن
العشرين، فقد خاب ظنهم أن الإنسان قد صنع ديانته بعدما تأكد أن: (الله قد خلقه
متدينا بطبيعته ومؤهلا بقدرات كي يعرفه ويعبده)
وكما يصبح الإنسان نظيفا إذا مارس الوضوء حتى ولو لم
يكن مسلما كذلك يناله الخير إذا مارس سلوكيات العبادة كالتفكر والخشوع والتأمل، لأنها توظف مراكز أشبه ما تكون بمراكز الإيمان داخل المخ تعمل على
الارتخاء والتخلص من المشاعر السلبية مثل الخوف والقلق والاكتئاب، وينتقل الإنسان
من حالة الاستنفار والتوتر إلى حالة الراحة والسكينة حتى ولو لم يكن لصاحبها نصيب
في ثواب الآخرة.
وباستخدام تقنية خاصة في التصوير بالأشعة السينية
تجعل في الإمكان معاينة التغير في نشاط مختلف المناطق الوظيفية بالمخ أمكن تحديد
مناطق تختص بالتركيز الفكري بالفص الجبهي (الناصية) يزداد نشاطها أثناء تلك الخبرة
التأملية، ولكن تغير النشاط في منطقة الفص الصدغي التي تجعل الإنسان يدرك وجهته
بالفراغ كان ملفتا للنظر، ويفترض نيوبيرج أن تغير