قال سهل: هل فكرتم في الأسرار التي يحملها وجود الله؟.. هل تعلمون ما
معنى أن الله موجود؟
قال الجميع: حدثنا..
قال سهل[1]: إن معنى أن الله موجود هو أن العدل موجود
والرحمة موجودة والمغفرة موجودة.
معناه أن يطمئن القلب وترتاح النفس ويسكن الفؤاد ويزول القلق.. فالحق
لابد واصل لأصحابه.
معناه لن تذهب الدموع سدى، ولن يمضي الصبر بلا ثمرة، ولن يكون الخير بلا
مقابل، ولن يمر الشر بلا رادع، ولن تفلت الجريمة بلا قصاص.
معناه أن الكرم هو الذي يحكم الوجود وليس البخل.. وليس من طبع الكريم أن
يسلب ما يعطيه.. فإذا كان الله منحنا الحياة، فهو لا يمكن أن يسلبها بالموت.. فلا
يمكن أن يكون الموت سلبا للحياة.. وإنما هو انتقال بها إلى حياة أخرى بعد الموت ثم
حياة أخرى بعد البعث ثم عروج في السماوات إلى ما لا نهاية.
معناه أنه لا عبث في الوجود، وإنما حكمة في كل شيء.. وحكمة من وراء كل
شيء.. وحكمة في خلق كل شيء.. في الألم حكمة وفي المرض الحكمة وفي العذاب حكمة وفي
المعاناة حكمة وفي القبح حكمة وفي الفشل حكمة وفي العجز حكمة وفي القدرة حكمة.
معناه ألا يكف الإعجاب وألا تموت الدهشة وألا يفتر الانبهار وألا يتوقف
الإجلال.. فنحن أمام لوحة متجددة لأعظم المبدعين.
معناه أن تسبح العين وتكبر الأذن ويحمد اللسان ويتيه الوجدان ويبهت
الجنان.
[1] استفدنا المادة المذكورة هنا من فصل
بعنوان (علم نفس قرآني) كتبه مصطفى محمود في بعض كتبه، بالتصرف الذي ألفناه في هذه
السلسلة.