وقد رأيت هذه السكينة تزهو بغير عون من المال. بل بغير مدد من الصحة،
وفي طاقة السكينة أن تحول الكوخ إلى قصر رحب، أما الحرمان منها فإنه يحيل قصر
الملك قفصاً وسجناً)
قال سهل: صدق الرجل.. فالسكينة هي الإكسير الذي تذوب لمرآه الآلام.
قال الرجل: فأين نجدها؟.. لقد تهنا في البحث عنها.
قال سهل: لقد ذكرها الله، وذكر محلها، فقال:﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ
لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) ﴾ (الفتح)
قال الرجل: فما الدواء الذي تصفه هذه الآية؟
قال سهل: إنها تصف دواء محددا واضحا ظاهرا.. إنه الإيمان..
قالوا جميعا: الإيمان !؟
قال سهل[1]: أجل.. فسكينة النفس التي هي الينبوع الأول
للسعادة، لا يثمرها الذكاء ولا العلم ولا الصحة ولا القوة، ولا المال، ولا الغنى،
ولا الشهرة، ولا الجاه، ولا غير ذلك من نعم الحياة المادية؟
هذه السكينة هي التي عمرت قلب رسول الله يوم الهجرة، فلم يعره هم ولا
حزن، فقد ﴿ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ
كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا
تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ (40﴾ (التوبة)
قام رجل من الجمع، وقال: لماذا كان المؤمن أولى الناس بسكينة النفس،
وطمأنينة القلب؟.. ولماذا لا يجد الإنسان السكينة في العلم والثقافة والفلسفة،
وفيما أنتجه التقدم العلمي من وسائل وأدوات يسرت العيش وجملت الحياة؟
[1] بعض الكلام الوارد هنا من [الإيمان
والحياة] بتصرف.