قال: السبب السابع هو ما أتيح للمؤمن من مناجاة ربه في الصلاة والدعاء
والذكر.. وذلك كله مما لا يجده الماديون، وإنما هو نعيم خالص للمؤمنين..
فالصلاة لحظات ارتقاء روحي يفرغ المرء فيها من شواغله في دنياه، ليقف بين
يدي ربه ومولاه ويثني عليه بما هو أهله، ويفضي إليه بذات نفسه: داعياً راغباً
ضارعاً.
وفي الاتصال بالله العلي الكبير قوة للنفس، ومدد للهزيمة، وطمأنينة
للروح.
لهذا جعل الله الصلاة سلاحاً للمؤمن يستعين بها في معركة الحياة، ويواجه
بها كوارثها وآلامها، قال الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ
وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)﴾(البقرة).. وكان محمد رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، ولم تكن صلاته مجرد شكل أو رسم يؤدى،
وإنما كانت استغراقاً في مناجاة الله، حتى أنه كان إذا حان وقتها قال لمؤذنه بلال
في لهفة المتشوق واشتياق الملهوف: (أرحنا بها يا بلال).. وكان يقول:(جعلت قرة عيني
في الصلاة)
أي سكينة يشعر بها المؤمن حين يلجأ إلى ربه في ساعة العسرة ويوم الشدة،
فيدعوه بما دعا به محمد a من قبل: (اللهم
رب السموات السبع، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل
التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، أنت الأول،
فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر، فليس فوقك شيء، وأنت
الباطن، فليس دونك شيء، اقض عنى الدين، وأغنني من الفقر)[1]
وأي طمأنينة ألقيت في قلب محمد a يوم عاد من الطائف
دامي القدمين، مجروح الفؤاد من سوء ما لقي من القوم، فما كان منه إلا أن رفع يديه
إلى السماء يقرع أبوابها بهذه الكلمات الحية النابضة التي دعا بها محمد ربه، فكانت
على قلبه برداً وسلاماً: (اللهم إني أشكو إليك