الله عز وجل بقسطه جعل الفرح والروح في الرضا واليقين، وجعل الغم والحزن
في السخط والشك)[1]
في هذا الحديث الشريف كشف رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
عن حقيقة نفسية باهرة، فكما أن سنة الله قد ربطت الشبع والري بالطعام والشراب في
عالم المادة، فإن سنته تعالى في عالم النفس والروح قد ربطت الفرح والروح والسرور
وراحة النفس بالرضا واليقين.. فبرضا الإنسان عن نفسه وربه يطمئن إلى يومه وحاضره،
وبيقينه بالله والآخرة والجزاء، يطمئن إلى غده ومستقبله.. ومن غير المؤمن في رضاه
عن يومه، ويقينه بغده؟ كما ربطت سنة الله الغم والحزن بالسخط والشك.
فالساخطون والشاكون لا يذوقون للسرور طعماً.. إن حياتهم كلها سواد ممتد،
وظلام متصل، وليل حالك لا يعقبه نهار ولا يرتقب له فجر صادق.
وقد ربط الحديث النبوي الكريم بين السخط والشك، وهما متلازمان، فلا سخط
من غير شك، ولا شك من غير سخط.
ولذلك ترون الساخط دائم الحزن، دائم الكآبة، ضيق الصدر، ضيق الحياة، ضيقا
بالناس، ضيقا بنفسه، ضيقا بكل شيء، كأن الدنيا - على سعتها- في عينيه سم الخياط.
إن شعور الإنسان بالرضا من أول أسباب السكينة النفسية التي هي سر
السعادة.. ولهذا قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم:(من سعادة المرء استخارته ربه، ورضاه بما
قضى، ومن شقاء المرء تركه الاستخارة وعدم رضاه بعد القضاء)[2]
والمؤمن وحده هو الذي يغمره الإحساس بالرضا بعد كل قدر من أقدار الله.
الرضا نعمة روحية جزيلة، هيهات أن يصل إليها جاحد بالله، أو شاك فيه، أو
مرتاب في